تبدو بيروت في نهارات الكورونا وكأن سكانها قد هجروها: شوارعها التي كانت من الإزدحام فارغة الا من بعض السيارات التي تمرق متعجلة وعيون السائق ومن معه تدور باحثة عن “رفاق عبور” فلا يجدون الا شرطي السير يقف متكاسلاً في انتظار مرور سيارة.. اية سيارة، ولو سيارة اطفائية او اسعاف. الفراغ…
قال لي نسمة الذي لم تُعرف له مهنة الا الحب:اتصلت به شاكية غيابه عنها يومين كاملين… فرد قائلاً: دعوتك إلى جنتي فاعتذرتِ، وهكذا خسرت الربيع ووروده وترنيمات الحساسين والشحارير مخففة بالزقزقات المرتجلة للدوري وجميعها تترنم مرحبة بالربيع..وردت مع تنهيدة: ربيعي معك، ولكن بعض المشاغل تغيبني احيانا عن دنياك التي تتفتح…
وسط الكم الهائل من التطورات الناشئة عن الهجمة الفيروسية الكورونية على البشر بمَن فيهم من جيوش وحكام دول ومصارف مركزية والتي حتى إنتاج اللقاح الذي يصد ويشفي، ستبقى هذه الجرثومة مصدر خوف لكل إنسان يعكر عليه حياته ويحوِّل حقه في النوم إلى حالة أرق، هنالك إستحقاق لا ندري ما إذا…
عادت الحياة إلى بيروت، وتدفق الناس إلى الشوارع “يتعرفون” إلى مدينتهم من جديد. السيارات قليلة، وركابها يحملقون في ركاب السيارة الأخرى، ويستمدون منهم الشجاعة، كما يمدونهم بها، ثم يكملون السير وعيونهم تستكشف ما طرأ من تغييرات على الشوارع ـ ومكاتب المصارف فيها التي رأى فيها المتظاهرون اهم اسباب الضيق التي…
قال لي نسمة الذي لم تُعرف له مهنة الا الحب:شغله عنها طارئ لا يحتمل التأجيل، فاتصلت معاتبة: كان يمكنك أن تبلغني فأتقبل عذرك..ورد ضاحكاً: لم تقبلي اعذاري في أي يوم ولم تتقبلي اعتذاري بانشغال في مسؤوليات أخرى غير الحب.. وتذكري انني اعمل لكي يمكنني أن أحب أكثر.
من ساحة ايليا في صيدا وما حولها، وما جاورها او تفرع منها من احياء جديدة كثيفة السكان، تكتشف أن عاصمة الجنوب التي حملت مشعل الثورة وانتظمت جماهيرها (مع الجوار) في ساحات الثورة تهتف للحرية والعدالة والعروبة والانصاف.. والحرب ضد الجوع. صيدا عروس الثورة، وهي تتكامل مع بيروت طرابلس وبعلبك والهرمل…
قال لي “نسمة” الذي لم تُعرف له مهنة الا الحب: حين دخل دارها بعد غياب طويل حرص على التحلي بلياقة الضيف، فأغضبها إلى حد تجاهلت وجوده.. أما حين قام لينصرف بهدوء وقبل الآخرين فقد فاجأته بقولها: أخطأت مرتين، فحضرت معهم، وانصرفت قبلهم.. وها انت تتركني لوحدي بينهم! قال: اغفري لي…..
قهر المرض، مع خيبة الامل من اصلاح النظام، أشرف من تولى السلطة في لبنان: الرئيس سليم الحص. ومع أن الرئيس الذي يُضرب به المثل في النزاهة ونظافة الكف قد خبر مساوئ النظام ووجوه الخلل فيه، وانحيازه إلى الاغنى والاقوى من اهله، على انه حاول وحاول واحبطت محاولاته مراراً، ولكنه ظل…
التباعد الاجتماعي كل امرؤ لنفسه. فردية قصوى. يحتار المرء إذا كانت الحداثة ومواردها الفردية وحرية الضمير كانت تتمنى الوصول الى ذلك. ويتساءل المرء أيضاً إذا كانت حرية الضمير متلازمة مع الفردية. البقاء على قيد الحياة هو الأولوية الأولى. إذا أردت أن تبقى حيا، دون أن يمسّك الوباء فعليك أن تعزل…
قال لي نسمة الذي لم تُعرف له مهنة الا الحب:هتف لها قائلاً: انتظريني مع مغيب الشمس. سيكون الفضوليون قد انفض جمعهم او إبتلعهم الخوف فأسير في الشارع ملكاً مزهواً بحبي..وردت وهي تتنهد بنشوة: انتظرك، وسأبعث بدقات قلبي لتهديك وتوفر لك الامان.
مع العاشر من شهر رمضان المبارك، تعود إلى الذاكرة وقائع ذلك اليوم المجيد (الذي صادف وقوعه في السادس من شهر تشرين الاول ـ اكتوبر 1973) وفيه أمكن للهجوم الذي شنته القوات المصرية والسورية في جهد مشترك لتحرير الارض التي يحتلها العدو الاسرائيلي وعنوانها: صحراء سيناء حتى قناة السويس، وتعطيل هذا…
في أيام ليست بعيدة لم نكن نسمع من أبناء وبنات الطبقة الراقية في أمريكا شكاوي إلا نادرا وأغلبها يصدر عن أفراد مرفهين للغاية أو نشأوا في بيئة أو عائلة شديدة التعصب. النسبة الغالبة من الشاكين حسب ما أذكر كنا نجدها في صفوف أبناء وبنات الطبقة الوسطى. أما الطبقة الدنيا وغالبيتها…
قال لي نسمة الذي لم تُعرف له مهنة الا الحب:اتصل بها ليعتذر عن موعده معها، لانشغاله بأمر طارئ: فقالت بلهفة: لست مريضاً، طمني..ورد بهدوء: الحب اقوى من المرض، وهو يحصنني، ولسوف اعوضك من القبلات ما يعوض لحظات الغياب.
هي جرثومة صغيرة، صغيرة، بحيث لا تُرى بالعين، تكمن داخل الداخل من الجسد البشري، فاذا العالم كله طريح الفراش، وكثير من ابنائه يذهبون في طريق بلا عودة، ويموتون بلا وداع ولا مشيعين، بل يرمون في قبور جماعية، ثم يرحل الاهل مبتعدين عنهم حتى لا تصيبهم العدوى. وفي الوطن العربي، تأخرت…
اتصلت بها، ففي هذا الشهر الكريم متسع للتوبة وإصلاح ذات البين. ذنبي أنني تأخرت شهورا في الاتصال بها للاطمئنان وتحديث المعلومات وتطييب الخواطر. قوبل اعتذاري بما يستحق من كاتبة عرفناها سلسة الكلمات رقيقة المشاعر. مرت دقائق ليست قليلة قبل أن تعلن أن عندها ما يدفع إلى القلق. نفرت عروق يداي…