قال لي “نسمة” الذي لم تُعرف له مهنة الا الحب: لمحها من بعيد فاندفع نحوها متخطياً مستقبليه، وحين التفتت فواجهته بعينين من زجاج ادرك فداحة اخطائه في ماضيه معها.. اقترب فهمس لها: أتغفرين لي اخطائي وخطاياي.. لقد كنت غراً، اتطلع إلى فوق.. ردت وهي تنصرف بخطوات عجلي: اكمل تطلعك إلى…
“انس الدنيا وريح بالك” فكل شيء تمام التمام في هذا البلد الأمين الذي ما زال لك فيه مرقد عنزة أو مرقد من غير عنزة، أو عنزة من غير مرقد. انس الأخبار المزعجة عن الحروب الأهلية المتفجرة دماً وخراباً في المشرق والمغرب، من العراق إلى الجزائر مروراً بالسودان والصومال وجيبوتي، أو…
ماذا لو استفاق العرب ذات يوم ووجدوا بلادهم دون حروب أهلية، ودون حكام طغاة، ودون أصولية دينية، ودون تدخلات أجنبية؟ ينصرف العرب الى أعمالهم، للعمل بجد وكد وإصرار؛ يتواصلون بحيث يكون للسياسة مكان مركزي في فكرهم ووعيهم؛ يبحثون الأمور بعقلانية. توضع المصلحة الفردية في انسجام مع المصلحة العامة؛ ويؤسسون الدولة…
اليابان حكاية لا تمل. تعددت الروايات وبقيت الأسس والمحطات والمعالم راسخة وواضحة. انبهرت بها شابا وانبهر بها شيخا. من حسن حظي وأنا في السنوات النهائية من المرحلة الثانوية أن علمني بعض تاريخ العالم معلم تعمق في فهم شئون اليابان. كان أيضا دارسا للفلسفة وعقائد الآسيويين. تصادف أن كنا نعيش حالة…
فلنتأمل أحوالنا في لبنان. ولنتأمل أحوال الاقليم. دولاً وأنظمة وشعوباً. إننا في مدار السقوط. الكلمات والكتابات تتحدث عن القيادات والامراء والملوك والرؤساء. قلما نجد كلاماً صريحاً عن الشعوب. نحن في لبنان، برغم انهياراتنا وقياداتنا، ما زلنا نحظى بحرية الشكوى، وأحياناً نتطاول على الحكام وعلى الطغمة المتحكمة. وأحيانا نهينها. مثل هذا…
غابت سنوات وعادت. عملنا معا لفترة غير قصيرة، أنتجت في عملي خلالها أكثر وأحسن مما انتجت في فترات مماثلة سبقت وجودها معي أو جاءت بعدها. عرفتها خبيرة في الناس بعيون فاحصة وقلب نابض بالرحمة والحب. باحثة قديرة تعرف عن النساء وطباعهن قدر ما أعرف وتعرف عن الرجال أكثر مما أعرف…
هل هو سوء فهم أو سوء تفاهم؟ الاثنان معاً. اللبنانيون ضحية سوء فهم لمن هم، وسوء التفاهم لما هم. لا بد من الكلام بجرأة. الخوف من الكلام، ظلام وظلم للمجتمع والناس. هناك سيل من الكلام يروي الغرائز، فتثور وتشتعل الطوائف وتتهيأ للأسوأ. وهناك صمت، خوفاً من تعميق الهوَّة بين “الأخوة…
كيف السبيل إلى حوار صحي مع فكر متخلف حتى عن الرجعية؟ وكيف السبيل إلى حل معقول ومقبول للأزمة الوطنية في لبنان طالما ظل سائداً ذلك النمط من العقل السياسي القاصر والمستعصي على النمو، وبالتالي العاجز عن فهم بديهيات هذا العصر المذهل وعن استيعاب روحه الوثابة التي تغير العالم بمعدلات مذهلة…
ماذا تعني قدسية اللغة العربية بالنسبة لأهلها؟ هل هي فقط أن هذه هي اللغة التي نزل بها الوحي؟ فاللغة إما تعبّر بشكل أو بآخر، أو تؤثر تأثيرا عميقا، بشكل أو بآخر، عن البنى الثقافية وربما الاجتماعية. الأرجح أنه لولا نزول الوحي بهذه اللغة لأصابها ما أصاب اللغات الأخرى من توسّع…
تساءلنا يوم سقطت الشيوعية وانفرط الاتحاد السوفييتي وحلت روسيا محله إن كان النظام الدولي سوف يحتفظ بصفاته وخصائصه التي صاغتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، علما بأن أمريكا قبل عقدين من الانفراط السوفييتي كانت قد سمحت ضمنيا ثم رسميا لحكومة الصين الشعبية بالحلول في مقعد الصين في مجلس…
أحيانا تتصرف معي تصرفات من يعرفني أكثر مما أعرف نفسي. تقرأ في عيني أسرارا لم يطلع عليها أو يدري بوجودها أحد. بعض هذه الأسرار لم أتعمد إخفاءها. منها علاقات وأنشطة بدأت قبل سنوات وبدت وقتها عادية ومألوفة. ثم امتدت إليها يد التطوير أو التغيير فتطورت أو تغيرت ومعها أو بسببها…
هذا هو لبنان الحقيقي، إنه يشبهكم. لبنان الخائف والمخيف مثلكم تماماً. لا أحد يتبرأ منه. إنه بلد مفخخ تماماً، مستعد للدم. في لحظة خلاف، والخلافات ميسورة ومزمنة ولها مستقبل قاتم ودامٍ. لبنان السيادة، الدولة، الوطن، المواطن، الديموقراطية، العدالة، المساواة الـ.. خرافة الماكرة.. سيرته تدل عليه. لم يصدف مرة واحدة، ان…
اشتُهر عن لبنان أن مجتمعه أقوى بما لا يقاس من دولته.ولقد دلّت تجارب الحروب الأهلية التي تواصلت ـ بالسلاح ـ لمدة عشرين سنة طويلة، قبل أن تهمد من غير أن تنطفئ نيرانها تماماً، أن النظام الطوائفي هو «الثابت»، مع قليل من التعديلات الشكلية، في حين أن «الدولة» هي «المتــحوّل»: قد…
يبدو الحلم مستحيل التحقق، لكن إصرار الوعي والروح على الحلم يشي بأن الصعوبة يمكن اجتيازها. لم يكن العرب في القرن السابع الميلادي أقل شرذمة مما هم عليه اليوم.تحقق الوحدة العربية ليس مستحيلاً. أولا، ليست غير قابلة للتحقيق. تحققت سابقا بشكل كامل أو منقوص، لكنها تحققت. كان الدافع الى الوحدة هو…
أكثر من مكابر ذاك الذي يرفض مبدأ التغيير في النظام السياسي القائم في لبنان، إنه إما أعمى وإما مجرم حقيقي. فلم يكلف نظام في العالم أي بلد ثمناً باهظاً كهذا الثمن الذي دفعه لبنان منذ الاستقلال وحتى اليوم “فداء” لنظامه الفريد! وتكفي نظرة إلى أرض لبنان المغطاة بجثث أبنائه –…