هذه قوى سياسية مجربة. نجحت في أن يكون لبنان على صورتها ومثالها. الحكمة المثلى: وداوني بالتي كانت هي الداء. هكذا، يعالج الدين بالاستدانة. يصير الدين أعلى رتبة في تمثيل العجز. يعالج الفساد بتسليم دفة مكافحته للفاسدين. وهكذا دواليك، كأن تجديد الطبقة السياسية في إعادة انتخابها، أو، كأن نزاهة القضاء منوطة بمنظومة من القوى المدَّربة على تأديب الآدمي ومكافأة المنتهك.
إذا ضربنا صفحاً عما قيل اعلاه، وعلى ما لم يُقل ايضا، فإن المطلوب القليل من الفضائل فقط. يقال، والقول محق، أن هذه القوة المتمادية شعبياً، من الاتباع، قد حفظت أمن اللبنانيين بنسبة جيدة. استطاعت أن تمنع امتداد الحرب السورية إلى لبنان. أكان ذلك عن رغبة منها أو عن عجز لاستدراجها. وفي كل الاحوال، هذه علامة جيدة في سجل القوى السياسية، ولا يُشكرون عليها.
كل ما عدا ذلك انتهاك. على أن جرعة “باريس اربعة” هي جرعة مسمومة جداً. قيل، فشل لبنان بعد باريس الاول والثاني والثالث. لم يتحسن شيء، بل انتحس كل شيء. وبلغ الدين مقاماً مخيفاً. وهؤلاء، كانوا ورثة الاداء السيء والديون المتراكمة والفساد الاقصى. من يصدق أن هؤلاء سيكونون امناء على 11 مليار دولار؟
من يصدق، اما كاذب او حمار غشيم. وبرهان الكهرباء، المفترض أن تكون مرفقاً رابحا، باتت خردة بأثمان باهظة. هكذا سيكون مصير النفط والغاز، المزيد من النهب، وارتفاع منسوب البؤس والقهر.
أجاد الخبراء في التوصيف الايجابي للاستدانة، وفي التخويف من مخاطر تضخم الديون. ذهب البعض إلى حد التهويل بالإفلاس. الإفلاس يفجر البلد. سيطحن الطبقة المتوسطة وسيشرد الطبقة الفقيرة. لم يطمئنوا الناس على مدخراتهم، للأيام العسيرة. لوَّحوا، لسداد بعض الديون المترتبة عن الموازنة الكاذبة في ارقامها، بضرائب جديدة. مزيد من الضرب على من يعمل ومن لا يعمل. وبالمناسبة، يُستثنى الاغنياء والشركات من دفع الضرائب. حرام مثالي. “من ليس معه يؤخذ منه، ومن معه يعطى ويزاد”.
ومع ذلك، لا ضمانة في مردود المشاريع. مشاريع، يصل منها إلى التنفيذ، من الجمل أذنه فقط. سلسلة التلزيمات معروفة.
المناقصات تُجرى وفق شروط تناسب المحظيين والمحظيون هم هم، لا سواهم. هم من أوصل البلد إلى حافة الإفلاس.
ويقال أيضا للتطمين، أن هذه القروض ستصرف بمراقبة ومحاسبة الهيئات الاجنبية الدائنة. حسن. لماذا اذا تدفع رواتب موظفي الـ U.N.D.P . وهي مبالغ تضاهي رواتب اللبنانيين.. حتى هذه المنظمة تسرق كما يسرق السارقون عندنا.
لا ضمانة أخلاقية لتنفيذ هذه المشاريع. معظمها غير منتج: طرقات، كهرباء، بنى تحتية الخ.. سيظل اقتصادنا برغم هذه المبالغ، اقتصاداً ريعياً.
فلنبحث عن بارقة أمل. ليس.
السيد حسن نصرالله، متخوف من فتنة بين الجيش والمقاومة نجونا منها مراراً. ماذا عن هذه المرة؟
الله يستر، من الافلاس ومن انفلات الأمن.