يضرب الإرهاب في الغرب. يقتل الابرياء. يصيبهم في أوج فرحهم. يقتل بلا هوادة، يختار أيا كان، يحصد القتلى، ويغتال الجمال: الموسيقى، الرقص، العلم، الرياضة، الامهات، الاطفال والحياة..
يضرب الارهاب في الغرب، يُدان بالكلام. يُقتَل الارهابي ولا يسمى أصله. تعقد الندوات لتفسير الظاهرة. لا جواب عن كيفية الردع بغير الامن والعيون الساهرة، ومع ذلك يخترق الارهابي حواجز الأمن بأحدث اجهزته، يضرب فيصيب.
بالأمس، تجرأت بريطانيا، بعد ثلاث مآس سببها الارهاب، أن تسأل عن طبيعة الاجتماع البريطاني. هل هو متساهل مع فلسفة التعدد؟ اليس من الواجب الانتقال إلى فلسفة الدمج؟ يصرخ اليمين في فرنسا: فلتسقط الغيتوات، وليكافح التعصب، ولتقفل مساجد التكفير… يخاف كثيرون من علاج التعصب الاسلامي بتعصب مدني متطرف.
الغربب، أن لا أحد يسمي المصدر الايديولوجي لهذا الارهاب. الغريب أكثر، أن تلجأ السعودية ومعها منظمة دول خليجية إلى تسمية قطر الاخوانية بدعم الارهاب، حصل ذلك بعد شراء صمت الدول الغربية العظمى بالأموال المليارية.
لم يجرؤ أحد بعد على تسمية الوهابية السعودية. اربعون مليار دولار لفرنسا، ثمناً لأسلحة. تُخرس باريس وتمنعها من التلويح، ولو من بعيد، عن مسؤولياتها ازاء تمويل المساجد والمشايخ في قلب فرنسا. وهؤلاء يبشرون بعقائد “القاعدة” الابنة الشرعية الشريرة للعقيدة الوهابية، والمحتضنة وحدها بالأموال النفطية.
الغرب يجرؤ على اتهام نفسه ولا يجرؤ أن يشير بأصبع اتهام لأي مؤسسة سعودية ولو من بعيد. وسيحرج كثيرون غدا من تسمية قطر، لان اموالها موزعة ومباركة من قبل انظمة الغرب ومصارفه الوافرة وعقاراته المتوفرة.
بالأمس، اشترت السعودية صمت دونالد ترامب، حصان محاربة الارهاب الاول في بلاده. والحرب على الارهاب تبدأ من مصادره العقدية والمالية. وكانت قد ألزمت دولة اسكندنافية على التراجع بسرعة عن قرار “اساء” إلى السعودية.
إلى متى ستبقى دول الغرب منحازة إلى مصدر الارهاب ومؤسس “قواعده”. ليس يعتدى على السعودية القول بأنها مع الولايات المتحدة والباكستان، قد دشنوا “الجهاد الإسلامي”، عبر تخريج دفعات من الافغان العرب. هؤلاء أشعلوا الجزائر بجمر التكفير عشر سنوات. اليس لان السعودية كانت وراء بلحاج، كانت العلاقات سيئة بين البلدين. لقد انفقت السعودية أكثر من 100 مليار على التبشير بالوهابية، وعلى بناء المساجد وتجنيد المقاتلين بالقول وبالسلاح.
لا أحد يشك بقاعدية قطر ودعمها للنصرة في سوريا، وهي الابنة المدللة “للقاعدة”. معظم المقاتلين الاسلاميين في سوريا يتزودون بالسلاح والمال والفكر والتكفير من السعودية وقطر.
هذا معروف، ومع ذلك لا أحد في الغرب يجرؤ على تسمية قطر والسعودية.
ليس هذا غريبا عن علم السياسة. السياسة تُبنى على المصالح، والمصالح تمحو المقابح، والاخلاق والقيم مساحيق لتجميل آلة المال والسطوة الغربية. الابرياء يُقتلون، والسياسة تبحث عن القاتل في غير مكانه الطبيعي.
غريب، كيف اسرعت اميركا ودول غربية، على تصنيف المقاومة في لبنان واتهامها بالإرهاب. كيف تتجند اجهزة المال والادارة لتركيع “حزب الله” في لبنان عبر حصار لبنان بالعقوبات ان لم يمتثل. اسرائيل في حروبها لم تكن مرة واحدة وحيدة. يصطف قسم كبير من الغرب معها. من يجرؤ على اتهام أو لوم اسرائيل في حربها الاستيطانية؟ لا أحد. حتى ريما خلف، قام عليها العالم، عندما وافقت على دراسة وثيقة، حول نظام التمييز العنصري الاسرائيلي.
مسكين هذا الغربي الملاحق في الشارع والمرقص والمدرسة والملعب. سيسقط معه الكثيرون. عسى أن لا. الا إذا تجرأ الغرب على وضع اصول الارهاب في قفص الاتهام.
تجرأت السعودية على قطر الاخوانية.
من يتجرأ على السعودية الوهابية.