كتب حلمي موسى من غزة:
يكثر الحديث هذه الايام عن احتمال التوصل الى صفقة تبادل وانهاء الحرب. لكن هذه الاحاديث لا تزال تدور في النطاق ذاته وبالتعابير ذاتها التي سادت طوال ايام الحرب.
من جهة هناك تناقض واضح بين الداعين الى صفقة جزئية والمطالبين بصفقة شامله. ومعروف أن المقاومة اصرت ولا تزال على ان اي صفقة جزئية لا بد ان تكون ضمن صفقة شاملة. فالتجزئة هي في التنفيذ وليس في الاتفاق على الخطوط العامة والمراحل. وحتى بعد امتداد الحرب الى لبنان ومرور اكثر من ١٢ شهرا على طوفان الاقصى تصر المقاومة على الشروط ذاتها التي وردت في خطة بايدن.
في كل حال واضح ان حكومة نتنياهو لا تريد وقف النار قبل اعلان هزيمة المقاومة في فلسطين ولبنان. ولا يزال نتنياهو يعلن رفضه لأي صيغة تقود الى صفقة شاملة. وحكومة نتنياهو تزيد في شروطها لاي حل في لبنان وغزة. ففي لبنان تنطلق اسرائيل من ان تفجيرات “البايجر” واجهزة “توكي” حسم المعركة مع حزب الله، وأنها تريد تغيير الواقع في لبنان، بحيث لا يبقى فيه وجود لحزب الله كمنظمة عسكرية على الاقل.
وما كانوا ينادون به عند بدء الحرب حول ابعاد حزب الله وخصوصا قوات الرضوان شمالي الليطاني لم يعد مطروحا. ولا تزال حكومة نتنياهو تتمسك بانكار حقيقة تعافي حزب الله من الضربات الاولية المؤلمة التي تلقاها. كما لا تزال تغالي في نفي الايلام الواسع الذي يمثله قصف حزب الله الذي يطال الشمال والوسط ،وخصوصا تل ابيب الكبرى.
كما ان حكومة نتنياهو تتجاهل واقع اصطدام خطتها بدحر المقاومة وتهجير سكان شمال القطاع الى جنوبه. والأهم أن اسرائيل تقريبا ترفض اي حل يبقي حماس او يجلب السلطة الفلسطينية، وتصر على حلول مستحيلة، سواء كانت عبر مرتزقة اميركيين او عبر قوات عربية من دون افق سياسي.
وكما يبدو واضحا من اهداف اسرائيل الحربية وهو انتقالها من اهدافها المعلنة اوليا، الى اهداف تغيير الوضع في الدول العربية وخصوصا لبنان وفلسطين. وربما ان هذا ما دفع “نيويورك تايمز” للحديث عن فقدان امريكا لريادتها في رسم الواقع في الشرق الاوسط واحتلال اسرائيل هذه الريادة.
ايا يكن الحال يصعب الحديث حتى الآن عن اي افق حقيقي لصفقة تنهي الحرب. اسرائيل تفكر بشكل مجنون وترى انه عبر الحرب مع لبنان يمكن الضغط لتحقيق اهداف الحرب في غزة. وحاليا تعتقد ان جر ايران للحرب قد يشكل ضغطا على غزة لابرام اتفاقية تبادل. ولكن هذا المنطق ترفضه اغلب الجهات الاسرائيلية العاقلة التي ترى ان التبادل لم يكن ابدا هدف نتنياهو وحربه، وان كل ما يعنيه هو جر امريكا لحرب ضد ايران.