العدو، في لبنان، وفي كل مكان.
اعرف عدوك، شعار لا يشفي. قاتل عدوك، شعار مجدٍ جداً. الأرباح فيه مجزيه، والخسائر من حصة العامة العمياء، التي تجند طاقاتها، دفاعاً أو هجوماً، “لنصرة” ما تدعيه أنه قضية تساوي وجودها.
في لبنان، العدو، في كل مكان. والعداء مستحكم وقديم وقابل للحياة. يصوب اللبناني الطائفي على عدوه من طائفة أخرى. الأسباب واهية جداً، تافهة جداً، حقيرة جداً… المهم، أنه وجد عدواً له، فاطمأن.
“إسرائيل”، ليست عدواً للبنان، عند فريق واسع من الطائفيين المتميزين “بالعلم” و”الاختصاص” وبتبني شعارات السلام. تبدو الطائفية تجارة رابحة. والأدلة على ذلك كثيرة، فالطائفيون، من كل الإتجاهات والمذاهب، متفوقون على الدولة. استولوا عليها. إنها حَلاَلَهُم وحدهم. لكل حصته، والتنافس هو على المزيد. على أن هذا العداء الطوائفي موظف في المعارك بهدف المزيد من النفوذ في الدولة الإدارة والمجتمع، وبهدف منع الآخر من التقدم عليه في احتفالات المحاصصة.
“إسرائيل”؟ إنسَ.
الولايات المتحدة؟ إنسَ. جميعهم يقيم لها وزناً، لأنها الناطق الفعلي والآمر والناهي في ما له علاقة بـ “إسرائيل”، العداء لإسرائيل، اختصاص فئة من لبنان، فيما الآخرون يضمرون سلاماً بخساً جداً، لا يوازي ما يدَّعونه من سيادة.
إعرف عدوك، ماضٍ مضى. ليس مهماً أن تعرفه أو تيقن منه. العداء آفة موروثة. يكفي أن تكون طائفياً، لتتخندق ضد عدوك الذي تتشبه به وهو يتشبه بك. والعداء ليس دائماً في الخنادق. فأهل الحكم في لبنان، كلهم يعني كلهم، هم أعداء جداً يوماً، وأصدقاء جداً في يوم آخر. لا قضايا ولا مسؤولية. السلطة هي المطاف الأخير، وهي باب من أبواب السرقة والنهب.
اعرف عدوك جيداً. لا تخطئ في قراءتك للواقع.
هذا الكلام موجه تحديداً للذين يحتفلون غداً، بالذكرى الأولى لـ17 تشرين. لبنان المزرعة، حُمَاته ينهبونه. صحيح أن الأعداء كثر، لكن العدو للبنان واللبنانيين، هم من توالوا على اغتصابه وسرقته وإنهاكه وإفلاسه وسفك دماء أبنائه، وتذويب جنى تعبه، وسد الأفق أمامه. العدو، ليس فرداً أو طائفة أو مذهب. العدو صاحب مدرسة في ممارسة الفتك. لقد تعاونوا، برغم ما يدَّعونه من عداء، برغم ما يتمسكون به من “مبادئ” ميثاقية وطائفية، على إنهاء لبنان للبنانيين، من كل الطوائف.
فلنتجرأ على الأعداء الحقيقيين. كل من تولى مسؤولية سياسية في السلطة اللبنانية، مسؤول مسؤولية مباشرة، عن خراب لبنان، بل هو مساهم في إفلاس البلد وإيصاله إلى الهاوية، وإلى تهديد اللبنانيين الغلابى بلقمة عيشهم ودواء صحتهم وكتاب مدرستهم و…
سمُّوهم واحداً واحداً. من رأس الهرم السياسي والطائفي والإداري والقضائي والمالي والأمني والحزبي حتى أخمص قدمي من كان ينفذ ويحمي ويحابي ويدافع عن سارقي ومجرمي لبنان.
اعرف عدوك. عدوك الداخلي أخطر بكثير من عدوك الخارجي.
عدوك الخارجي، قد تجد من يقاتله، ويدافع عنك. أما عدوك الداخلي فتجد من يدافع عنه، ومن يلزمك بدفع الولاء له. أعداء لبنان في الداخل، طوائفه كافة. مذاهبة كافة، وكل من يمت إليهما بصلة الولاء والوفاء والطاعة.
فلا تضيعوا فرصة الثورة. عدوكم أمامكم فقاوموه.
ها هم الأعداء يتفقون إذ يختلفون. يريدون حكومة تشبههم فقط. لا يعولون على إصلاح ومحاسبة وتدقيق ومحاكمات. هؤلاء في مرتبة المعصومين من الخطأ والجريمة والسرقة والنهب. إنهم حلف واحد برؤوس طائفية متعددة. إذا استقامت القسمة تحلقوا في حكومة. إذ لم تستقم، تفرقوا. ليس عندهم قضايا. إنهم كالصيارفة والمرابين وأرباب البنوك، الذين سرقوا أموال اللبنانيين بالشراكة مع زعماء الطوائف.
اعرف عدوك جيداً.
لا تخطئ في التعرف عليه.
صوِّب صوتك وقبضتك و.. و … إليه.
وكل ما عدا ذلك هروب من المواجهة، عبر افتعال معارك جانبية، ورفع شعارات وهمية، والسير خلف فريق طائفي – سياسي ضد من يشبهه.
إذا لم يكن ذلك كذلك، سيفوز الأعداء المتعادون على المحاصصة. وتعود حليمة إلى عادتها القديمة.
من ضل الطريق، سيسقط في وسطها. من صوَّب بإتجاه العدو الحقيقي، سيصيب.
لبنان أسير أعدائه من الداخل. حرروه قبل أن يموت على أيديهم، بل قبل أن يموت اللبنانيون جوعاً وقهراً وظلماً.