قطاع غزة ـ حلمي موسى
سادت يوم أمس انباء تحدثت عن قبول كل من اسرائيل وحركة “حماس” المقترح المصري بشأن عملية تبادل الاسرى ووقف النار في قطاع غزة. وشاعت فرحة كبيرة في صفوف النازحين وعموم أهالي القطاع. ولكن هذه الفرحة كانت سابقة لاوانها حيث أن الاتصالات لا تزال في بدايتها وان بدت اشد كثافة من الفترة السابقة. وما يثير التفاؤل بشكل اساسي خشية اسرائيل من الموقف المحير للرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب الذي من جهة أعلن أنه يريد التوصل إلى انهاء الحروب، ولكن من جهة أخرى صرّح أنه سيحول الشرق الاوسط الى جحيم اذا لم تنته مسألة الاسرى.
في البداية، حاولت اسرائيل أن توحي بأن تهديد ترامب موجه لحماس فقط، ولكن سرعان ما تبين ان التهديد موجه للطرفين. ولقد قاد هذا التهديد الى نوع من المرونة لدى الإسرائيليين. ما ساعد على تحقيق هذه المرونة هو تعيين ترامب مسعد بولس مبعوثا خاصا له في المنطقة العربية والتصريحات التي أطلقها مبعوث ترامب لشؤون الاسرى آدم بوهلر والتي فهمت على انها تطالب اسرائيل بابداء مرونة.
عموما كانت نقطة الخلاف الاساسية بين الطرفين تتمحور حول وقف الحرب والانسحاب التام من قطاع غزة. ويبدو أن كلمة السر في المقترح المصري المدعوم اميركيا هى التدرج. صحيح أن وقف النار لا يعني نهاية الحرب، لكنه خطوة أولى في الطريق الى نهايتها. كما ان وقف النار لا يعني الانسحاب الاسرائيلي التام من القطاع، ولكنه سيقود تدريجيا الى هذا الانسحاب.
ويعود سبب المرونة لدى الطرفين إلى رغبة الحكومة الاسرائيلية بانجاز اتفاق تبادل بعد ان عجزت كل الجهود عن تغيير موقف حماس، حتى أن نتنياهو أصبح يتحدث عن نضج الظروف لابرام صفقة. ومن جهة أخرى، يبدو أن موقف حماس من مسألة التدرج أصبح أكثر ليونة.
ويتضمن المقترح المصري الذي يجري بحثه، وفقا للمراسلة السياسية لقناة كان العبرية، عدة نقاط أهمها أن الصفقة ستتم على مراحل. من المتوقع أن تشمل المرحلة الأولى وقفا لإطلاق النار لمدة 60 يوما تجري خلاله عملية تبادل الرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين. أما المرحلة الثانية فمن المتوقع أن تشمل وقفا “غير محدودا” لإطلاق النار. ويبدو أن المقترح المصري يتضمن آلية لتبديد مخاوف حماس من قيام إسرائيل باستئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة. إلا أن هذه ما زالت مقترحات وأفكار يجري طرحها، ويبقى السؤال، هل ستوافق حماس على إنسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي؟ وهل ستوافق إسرائيل على إنهاء الحرب؟
إن الاصوات المتطرفة التي كانت تهدد بتفكيك الحكومة ان قبلت بانهاء الحرب في القطاع او ابرمت اتفاقا مع حماس يوقف القتال قد تكون ضعفت، إلا أن إسرائيل تبقى إسرائيل … ولا تزال أطماعها على كامل الاراضي الفلسطينية قائمة. لذلك توجهت هذه الاصوات حاليا نحو مزيد من التشدد في الضفة الغربية. وليس صدفة ان يعلن سموتريتش هذه الايام عن سعيه لانهاء دور الادارة المدنية في الضفة الغربية، ما يعني تحويل صلاحيات الادارة للوزارات الحكومية الاسرائيلية. وعمليا تعتبر هذه خطوة من خطوات الضم الزاحف حيث رفق سموتريتش موقفه هذا باعلان نيته مصادرة ٢٤ ألف دونم من الارض لتوسيع المستوطنات. وهذا ما دفع حركة حماس للقول بأن إعلان “الإرهابي سموتريتش” نيته إغلاق وحدة الإدارة المدنية في الضفة الغربية هو خطوة إسرائيلية جديدة ضمن خطوات ضم الضفة وفرض السيادة الإدارية والسياسية عليها.
يبقى أنه إلى حين أن يتم استيضاح الترابط بين ما يحصل في القطاع وما يحصل في الضفة، والترابط بين موقف اسرائيل من المقترح المصري وموقف حركة حماس، ومدى قدرة الاسرة الدولية على فرض رؤية حل الدولتين كوسيلة لحل الصراع، يبقى من المبكر الحديث عن حلول.