كتب نصري الصايغ:
ـ هل تعرفون أسماء الفاسدين والمرتكبين؟
ـ طبعاً. كلن يعني كلن.
ـ هل تجرؤون على التسمية؟
ـ قليلاً. فسادهم شرس ومصان. فسادهم محروس “شعبياً”. أزلامهم كلاب صيد. يركضون خلف الطريدة، ويعيدونها أمانة لصاحبها.
ثم انهم سلطة دائمة، اكانوا في الحكم ام في المعارضة. انهم يسرقون في كل الفصول والشهور والسنوات… ثم انهم محميون. القضاء، لم يهتدِ بعد إلى مرتكب واحد. ولن. هو يشبه اسياده. ومعروف أن الدولة التي يفسد قضاؤها ذاهبة إلى الخراب.
ـ اذ كان ذلك كذلك، فلماذا دعا رئيس الجمهورية هذه العصابات إلى القصر الجمهوري؟ هل يعرف انهم فاسدون؟ طبعاً. هل يعرف انهم شركاء مزمنون؟ طبعاً يعرف. هل يعرف أن مقربين له فاسدون ايضاً وايضاً. طبعاً. وإذا كان لا يعرف، فمعنى ذلك انه ليس رئيساً عن جد. يكون بدلاً عن حاضر إلى جانبه. صهره، او مستشاره او أحد تجار الهيكل.
ـ بالفعل. هناك مفارقة تصل إلى حد الفضيحة المجلجلة. الخطة المالية والاقتصادية، على علاتها، وبرغم امتثالها لشروط صندوق النقد، لا يمكن أن توضع بين ايدي مرتكبي السبعة وذمتها، منذ أكثر من ثلاثين عاماً. لبنان يعوم على بحر الفساد من زمان. من ايام السلطان سليم الخوري، شقيق رئيس الجمهورية آنذاك. السرقات، هي السياسات اللبنانية الحقيقية. لذا، لم نشهد محاكمة لفاسد من تأسيس الكيان.
ـ اذا، لماذا دعا الرئيس ميشال عون هذه الطغمة التي يعرفها عن جد؟ هذا يدفعنا إلى الشك به وبمن حوله وحواليه. اضافة إلى اننا سنتحول إلى خبثاء، لا جبناء، فنسميهم عندها، كلن يعني كلن، ولا أحد بريء من دماء واموال اللبنانيين.
ـ عن جد إني لا افهم. إذا سلمت نواياي فإن السؤال التالي، يجعلني في موضع الشك بالرئاسة. اذ، هو يعرف، كما نحن نعرف، أن هؤلاء الذين دعاهم إلى القصر الجمهوري، هم مرتكبو تفليسة لبنان، وضياع امواله، وسرقة ودائع الناس، وافقار الاكثرية، وسرقة الدولة، كل الدولة، اذ لا مؤسسة الا ولها نسب مع “الست ماريكا”، حاكمة “سوق المتنبي” يوم كان الجنس مرخصا به برخص شعبي واخلاقي.
ـ عن جد. هل هؤلاء هم الذين سيتولون تنفيذ ما سمي خطأ، خطة الانقاذ؟ عجيب. قليل من الاحتشام. قليل من الخجل. هؤلاء الحراميي هم الصورة الحقيقية للمرحلة المقبلة. حسان دياب يقول قولاً جميلاً احياناً، جريئاً احياناً. لكن الدعوة إلى القصر الجمهوري تمحو ما يقول حسان دياب. يظهر رئيس الحكومة بخطابه، مراراً، انه مختلف. ونريد أن نصدق ذلك. ولكننا لا نستطيع ابداً، ابداً، ابداً أن نصدق ما يحدث في كواليس القصر.
ـ الا إذا كان هناك ضرب من الجنون. يا ليت. ان يكون اللقاء مناسبة لإلقاء القبض عليهم بتهمة إنهاك وافلاس وسرقة البلد.
ـ لا تخرف. هذا حصرم رأيته في حلب. هل تعرف الشيخ زنكي؟ هؤلاء جميعهم كانوا في دفنه. انهم عصبة وربما عصابة، ومستعدون لحضور مراسم الدفن والبكاء على أطلال، خلفوها اعمدة ذليلة ومنكسرة.
ـ إذا ما هذا الذي يجري؟
ـ لا تتوقع خيراً ابداً. الذين دمروا لبنان مراراً، عُهِدَ إليهم اعادة بنائه فنهبوه. وهذه المرة، سيكون النهب اسوأ وأشمل. إذا لم يسرقوا “طقوا وماتوا”.
ـ والناس؟
ـ لا تسأل. باستثناء شعب “17 تشرين”، هناك اتباع ورعاع وخدم وعبيد وجلاوزة وجواسيس.
ـ يعني أن اللبنانيين سيجوعون.
ـ طبعاً. لقد جاعوا وسيجوعون أكثر. وليس بعيداً أن تندلع ثورة الجياع، بعد اقدام ثلاثة على السرقة الموصوفة: أولهم: الطبقة السياسية الحاكمة والمتحكمة والمستحكمة، وثانياً، شركاؤهم في المصارف، وثالثاً، شريكم الادنى، حاكم المصرف المركزي… اياك أن تبرئ احداً.
ـ ما العمل؟
ـ دع العواء السياسي جانباً. وانتظر ثورة الجياع. وان لم يفعلوا ويحملوا في قبضاتهم قوتهم، فقل، لا حول ولا قوة… أن شعبا بهذا الذل، يستحق هذا الاذلال.
ـ مستحيل. اللبنانيون سيثورون.
ـ اذا. إلى اللقاء. عنواني بعد اليوم: الساحات من الشمال إلى الجنوب. سنكون عابرين للطوائف والمناطق وال..
ـ والحل…
ـ …
ـ لماذا تصمت الآن؟
ـ لم يعد يجدي الكلام. السيف اصدق انباء من الكتب.
ـ انه لأمر مخيف. اليس كذلك.
ـ من العار أن تموت جباناً. وان تحيا جبانا.
ـ والذين في القصر الجمهوري؟
ـ لا نسأل. إما هم وإما نحن. انهم لا يشبهوننا ولا نشبههم. ولكنهم اقوياء جداً… انما إلى حين اندلاع الجوع.
ـ ثم ماذا؟
ـ ثم لا ثم.