هو حَمَدُ الناس، هو حَسَنُ الأخلاق. هو حمد حسن الناس الأخلاق.
نعم. لقد شاهد اللبنانيون، كلّ اللبنانيّين بطوائفهم الـ 18، بخلافاتهم اللانهاية لها، بأنانياتهم المُشينة، وبتمايزاتهم التافهة، شاهدوا معالم التعب على محيّاه وشهدوا لعمله المسؤول وقدّروا، في اللحظات الإنسانية، تفانيه في خدمة الناس، كلّ الناس. لذلك أقول لهم، إذا كان يهمّكم هذا الوزير لما يمثّله وحكومته، رئيسًا ونشاطًا، من نموذج للأمل في تغيير مفهوم الولاية العامة، فعليكم الإلتزام بتوجيهاته. فبمقدار ما تلتزموا بالتوجيهات العامة، بمقدار ما تنفرج أسارير وجه الحَمَد وتزول آثار التعب عنه.
يعيدني هذا المشهد بالقارىء الى القرن الخامس قبل الميلاد، خلال إجتياح الطاعون لمنطقة اليونان، حين توحّش الناس بعضهم على البعض الآخر، وتفشّت الأنانية هذه الغريزة البشرية، تمامًا كما يشهده العالم اليوم في أبشع تجليات السياسة الإستعمارية الليبيرالية، خرج يومذاك الفيزيائي اليوناني أبوقراط الى الناس بقسمه الشهير الذي بقي شعارًا للإنسانية جمعاء منذ ذلك الحين.
وفي ظروف عالمية مشابهة، أنا أدعو الآن، من كنف “مُغَيِّرة الأحوال” هذه، الى العودة الى مبادىء القسم، الى الخروج الى العالم بـ”قسم الحَمَد”، متجاوزين عقدة التبعية لكلّ ما هو إفرنجي أوغريب، وليكن قسمًا إنسانيًّا عالميًّا (وطبعًا عربيًّا).
أمّا عبارات القسم؟ فأترك صياغتها لفصحاء البلاغة وحكماء الحكمة.
وأمّا المهزومون، الشامتون الخاسرون المغيوظون المتوجّسون من إنفضاح قصورهم الوطني والأخلاقي والمهني، الهَلِعون من إنتهاء دورهم الهدّام، الواقفون على قارعة مسار القافلة؟ فليقوموا، منبوذين، بوظيفتهم التي لا يُتقِنون غيرها.
أخي حَمَد، سَلِمْتَ للناس… أخي حَسَن، وفّقك الله.
(*) عرفته شابًا مِقْدامًا، نسيبًا للعائلة، وجارًا بعلبكيًّا، خلوقًا مهذّبًا مضيافًا كريمًا وفيًّا ونبيهًا، قبل أن يُنتخب رئيسًا لبلدية بعلبك لخدمة الناس ومنها الى إتحاد بلديات بعلبك للعمل في التخطيط العام والإنماء. وبين بين، عرفت عن نشاطه الأكاديمي والإختباري العلمي.
لم يتسنّ لي إزعاجه شخصيًّا منذ تولّيه مشقة وزارة الصحة العامة، بسبب تسارع الظروف التي داهمت الحكومة والبشرية معًا. فاختصرت لقائي به بالإتصالات الصوتية والكلام الشاشاتي، مراعاةً لمقتضيات العمل الوزاري الدؤوب، الوظيفي منه والإنساني.