لن يفاجأ المواطنون اذا ما طلب الوزراء (ورئيسهم) تعويضا محترما عن ساعات العمل الاضافية التي امضوها في مناقشة موازنة الدولة للعام الحالي، الذي مضى ربعه حتى اليوم، وكانوا يصرفون خلال هذه الفترة على قاعدة “الاثني عشرية” التي يسهل محوها وكذلك نسيانها او الاعتراف بها كحل طارئ لمشكلة دائمة..
ولقد اضطر السادة الوزراء إلى تناول الافطار الرمضاني على حساب الدولة، يستوي في ذلك الصائم او المفطر، واحيانا كادوا يتناولون “السحور” ايضاً على الحساب ذاته.. وتلك اقل مكافأة يستحقونها على عملهم المجهد.
فهل بعد هكذا اخلاص يفوق هذا الاخلاص في الحرص على المال العام، الذي سرعان ما سوف يضيع مع لحظة الانتهاء من درس الموازنة واحالتها إلى المجلس النيابي لإقرارها برفع الصوت واليد والقبعة.. بالتأييد!
من باب الطرافة واستذكار “غير الطائفيين” من القادة السياسيين الذين حملتهم الاقدار، ونتائج الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 لبنان، أن وساطات “اهل الخير”، وشفاعات اهل الصلح مع العدو الاسرائيلي، قد فتحت ابواب الرياض ـ عاصمة السعودية ـ امام بشير الجميل الذي كان قد أعد المسرح ـ بالوسائل السلمية طبعاً ـ للوصول إلى رئاسة الجمهورية.
لكن الضيف (أي السفير اللبناني ظافر الحسن آنذاك وهو مؤرخ ممتاز، لدى المملكة المذهبة) ومعظم ضيوفه وقفوا عند الساعة الواحدة فجراً يستأذنون بالانصراف.. وعبَّر الشيخ بشير عن دهشته، وحين استوضح عن الامر قال له أحدهم:
ـ اننا ذاهبون لتناول السحور..
وسأل بشير الجميل: وما هو السحور؟
وكان على السفير اللبق أن يشرح للرئيس العتيد أن شهر رمضان، الذي أُنزل فيه القرآن، هو شهر الصوم عند المسلمين، كما هو الصوم الذي يسبق عيد الفصح عند المسيحيين.
وأخرج الشيخ بشير مفكرته الشخصية لكي يسجل هذه الواقعة.. التاريخية!
نرجو الا يفاجأ وزراء هذه الايام، بمسيحيهم ومسلميهم، بهذا الحدث التاريخي الذي يجيء كل عام في موعد متحرك (عشرة ايام عن سابقه)..
وعسى الا يطلب وزراء هذه الايام تعويضاً عن الصيام او الفطور او كليهما.