طوت «النحلة» جناحيها وأغلقت عينيها مرتحلة إلى بارئها، وغابت عنا فاديا الشرقاوي.
برغم تراكم السنين والبعد عن تلك اللحظة التي لا تنسى فإن صورة فاديا الشرقاوي الزميلة التي انضمت إلى أسرة «السفير» عشية إطلاقها لا تغادرنا مطلقاً: بشجاعتها النادرة، بحيويتها غير المحدودة، بابتسامتها المشعة، بحضورها البهي.
كانت الغالبية الغالبة من الشباب الذين جاءوا إلى الجريدة الواعدة ليشقوا الطريق إلى مستقبلهم، بلغتهم الممتلئة حماسة، باستعدادهم لأن يسهروا ويتعبوا ويتقبلوا الملاحظات فيكتبوا ثم يعيدوا كتابة ما كتبوا، أو يعودوا مرة أخرى إلى مصادرهم حتى لا يقعوا في نقص المعنى او يساء فهم مقاصدهم.
وكانت فاديا الشرقاوي أميرة الاقتحام… ذلك أن الحرب الأهلية دهمتنا ونحن نخطو نحو السنة الثانية من عمر «السفير»، وتحول معظم المحررين والمحررات إلى «مراسلين حربيين»… ولطالما سهرنا الليالي جميعا في مكاتبنا لتعذر العودة إلى البيت.
كنا ضد الحرب الأهلية، لا نملك إلا أقلامنا ووعينا وحماستنا، وصدق إيماننا بأرضنا… وبهذه الروح اندفعت فاديا الشرقاوي مع العديد من زميلاتها وزملائها الذين جاءوا ـ مثلها ـ من الجامعة إلى «السفير» ليسهموا في صنع نجاحها.
ثم بدأ عهد الأفراح، حين أخذ الزملاء في «السفير» يختار بعضهم بعضاً شريك عمر… وهكذا «زفينا» فاديا الشرقاوي وراشد فايد، ثم كرت حفلات الزفاف بين الزملاء الذين غدوا أسراً عدة.
في وداع فاديا الشرقاوي، التي أخذتها عاديات الزمان بعيداً عن «السفير» وعن لبنان جميعاً، وعن الصحافة، ثم أمضّها المرض حتى أسلمت الروح تاركة الحسرة في نفوس كل من عرفها فأحبها وقدّر فيها مزاياها الكثيرة وأهمها حبها للناس وإخلاصها لما تؤمن به. وإننا إذ نودعها بوجع الفراق، لا نملك غير الابتهال إلى العلي القدير أن يشملها برحمته الواسعة.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
÷ صلي على جثمان الزميلة الراحلة فاديا صلاح الدين الشرقاوي في جامع الخاشقجي أمس ووري جثمانها في الثرى في مقبرة الشهداء. وتقبل التعازي اليوم وغداً في منزل زوجها الزميل راشد الفايد في منطقة الجناح، بناية لميا، الطابق الخامس (مقابل مستشفى الزهراء).