لما ينته عصر الصحافة، بالمعنى الحقيقي..
ما انتهى في الوطن العربي، بأقطاره كافة، هو العمل السياسي: فلا أحزاب عقائدية او سياسية، ولا نقابات عمالية، ولا اتحاد فاعل للنقابات العربية الذي كان، مثلاً، في العام 1956، والذي هز العالم كله عندما وقف وقفة عز رداً على امتناع عمال الميناء في نيويورك عن تفريغ الباخرة المصرية كليوباترا، خلال العدوان الثلاثي على مصر والذي شاركت فيه بريطانيا وفرنسا مع العدو الاسرائيلي.
ولان العمل السياسي قد انتهى فعلياً فمن الطبيعي أن تموت الصحافة، اقله المكتوبة، لا سيما بعد هيمنة الكومبيوتر ومشتقاته، لا سيما تلك المتصلة بوسائل الاتصال، على الكون، وبات بإمكانك أن تحمل العالم في جيبك بكل اخبار دوله، سياسياً واقتصادياً وفنيا، وما شئت استعادته من اشرطة سينمائية (ثقافة او تاريخ او جنس، او علم الخ)..
إن وسائل الاتصال والتواصل الحديثة قد اغنتك عن الصحافة الورقية، إلى حد كبير: كل ما تريد معرفته او الاطلاع على جديده متيسر بضغط من اصابعك على جهازك السحري.
كانت الصحيفة رفيقة صباحا لك: تأنس اليها، تُطلعك على اخبار العالم، السياسية والفنية، الثقافية والاقتصادية والجديد في الاتجاهات الفكرية فضلاً عن الرياضة والتسلية وصولاً إلى الكلمات المتقاطعة.
انتهى عصر الورق، يقولون. فالأطفال يحمل كل منهم، وقبل أن يتعلم الألفباء هذا الجهاز السحري الذي يوصله بالعالم ويوصل العالم، بسياساته وفنونه وعلومه وابتكاراته واختراعاته العلمية، فضلا عن الموضة والجنس، إلى عينيه، وهو مسترخ في غرفة نومه او سيارته..
انه عالم جديد، مختلف جداً عن ذلك العالم الذي ولدت فيه..
وعليك أن تتعلم وتلاحق الابتكارات والتطورات الجديدة التي يبدعها انسان هذا العصر والا عشت غريباً فيه، غريباً عنه، كما الامي مع سيادة العلوم والثقافة..
أقرأ…باسم ربك الاعلى. اقرأ!