تتصرف المحطات التلفزيونية المذهبة وكأن لها الحق في توجيه الناس وتعليمهم فن السياسة والحكم.. وهي تقرر عنك الموقف من هذه الدولة أو تلك، أو هذا الرئيس (العربي) أو ذلك الملك الأجنبي..
إذا كان صاحب المحطة أميراً، فهو في نظر نفسه أمير المؤمنين، أما إذا كان ملكاً فهو القائد الذي بيده أن يغير القدر ويحرفه عن مساره.
المحطة تقرر عنك موقفك: فالصلح مع العدو هو في صميم صناعة الغد الأفضل، والاعتراض على اللإستسلام مكابرة وخطاب يأتي من الماضي، كأنما المستقبل العربي يصنّع في إسرائيل ويأتيك متوجاً بالعلم الأميركي ونجومه الخمسين وأكثر.
على أن دولة قطر العظمى رأت أنها لم تحظَ بمثل هذا الإحتفال بأبهته الأخاذة في البيت الأبيض فاعترضت على التمييز العنصري بين الخونة، مع أنهم جميعاً من العربان النكرات الذين لولا النفط والغاز لما كان لهم موقع ممتاز أو ذِكرْ، أي ذِكرْ، في كتب الجغرافيا والتاريخ وصناعة الأقدار.
وللأمانة نقول: لولا أن رئيس مصر، المكلل بالتضحيات الجسام في “حرب أكتوبر” أو “العبور”، أنور السادات، والتي شاركه فيها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ولولا بسالة الجيشين في العبور (الذي تعذرت حمايته من الإختراق) وإجلاء العدو عن الجولان..
لولا تهور السادات وتسببه في هدر كرامة آلاف الشهداء من أبطال الجيش المصري الذي فرضت عليه الهزيمة في أكثر من حرب، فلما توفرت الفرصة لإنتصار عظيم مع شريك الدم سوريا، إختار أن يذهب إلى تل أبيب بدل أن يذهب إلى دمشق للإحتفال بالنصر الذي تم بيعه في السوق الذي يتقن الإسرائيليون المضاربة فيه.. وهكذا خذل شريكه في الدم المراق طلباً للتحرير وذهب وحده ليشتري مزيداً من مجد الإنتصار كما تصوره لكن المقاتل من أجل التحرير الكامل خالد الإسلامبولي صحح الإنحراف .. بدمه.