كنت ألمح الاسم فتستوقفني الكلمة الوسطى ”زينو”، وتشدني إلى صدق صاحب الاسم فأترك عيني تنزلق على بعض عرائس خياله، ثم تغريني الطرافة فأتدرج مع الصور الجديدة في شعره، وأقول في نفسي: لو أنه يكتب نثراً لكان محمد زينو شومان رساماً كاريكاتورياً بالكلمة عز نظيره.
إنه خارج على التقليد، هذا الشاعر، لكنه لم يتذرع بخروجه لكي يحطم اللغة والمعنى والصورة، مغرقاً القارئ في بحر من النقاط التي يفترض فيها فصاحة لا تتوفر للكاتب الشاعر أو يفترض فيها عقلاً لا يملكه القارئ..
“ قهوة فوق نار القلق
وعلى نخلة الوجد بعض غبار
لم يعد أنفنا صالحاً لاكتشاف المدينة
وتلقفت عن والدي
سيرة القمح. هذا هو السر في بذرة طائشة
أيها الرهط: دار بنا القهر دروبه الموحشة
فابتلعنا بلا كوب ماء
همنا وحبوب السكينة
هيئوا كل أحلامكم للسقوط على رأسها
هيئوا حجة ما لتأبين هذا الوطن”.
من قصائد ديوانه الجديد ”أغمضت عشقي لأرى”، اخترت من شعر محمد زينو شومان ”عشبة الضحك” لأرسلها تحية إلى إبراهيم عامر في عليائه:
“ صديقي الذي كان أكبر مني
بحفنة ريح وزيتونتين،
قضى نحبه، أمس، دون اعتذار
ودون سبب
ولكنه كان يضحك حين يراني
أوضب صمتي بكيس ورق
وما يتبقى من الحزن.. أخفيه في القبعة،
وقد تقشعر يدي عند قطف الصباح
كما يقشعر الرطب
على نخلات الحنين
ويضحك.. يضحك ملء اليدين،
إذا ما رآني أعرض وجهي طوال النهار
لشمس التعب..
وأبحث عن كسرة الحلم تحت الفراش
ويضحك، قدر استطاعته، حين أمضي
إلى الحقل.. أدفن فيه بذار السنين
صديقي.. أصيب بنوبة تين!
فأسلم أشواقه للتراب،
ونام عميقاً.. عميقاً كما يفعل الأشقياء،
إذا استجمعوا ظل أحزانهم في المساء
ترى.. يا صديقي
أيغلبك الوجد، مثلي، وأنت تنبش في كومة الريح
عن عشبة واحدة،
تعيد إليك الضحك؟.”
* * *