سقطت أو اسقطت عواصم القرار العربي: القاهرة، بغداد، الجزائر ودمشق المهددة في عمرانها، فضلاً عن دورها المفصلي.
انتقل القرار، شكلاً، الى عواصم النفط والغاز العربي، التي لم تكن معتادة ولا هي مؤهلة لممارسة هذا الدور القيادي، بل هي طالما لجأت الى التواطؤ والتآمر والتلطي خلف واجهات محلية مدفوعة الأجر… ثم انها ضد الوحدة، بكافة أشكالها، وضد الاتحاد، وضد التضامن العربي الذي يفضح تبعيتها للخارج.
صار الوطن العربي “بلا رأس”، أي بلا مركز قيادي، وبالتالي بلا قرار.. وتجرأ بعض إمارات ومشيخات النفط والغاز التي جعلتها ثروتها دولاً غنية ـ في محيط من دول الفقر العربي، وتاهت ليبيا خلف مغامرات القذافي وتحولاته المفاجئة، وسقطت الجزائر سهواً بعد غياب هواري بومدين، وها هو بوتفليقة يرى في نفسه “الوريث الشرعي” لثورة المليون شهيد التي انتصرت وحكمت قبل أن يولد..
ان الوطن العربي “أرض مشاع”: كل قادر، أميركي أو بريطاني أو فرنسي، يأخذ منها بالحيلة أو بالحاجة، ما شاء، ويصادر القرار الوطني، ويلحقه بمعسكره، بوصفها بعض “مصالحه” ومواقع نفوذه “الاستراتيجية”.. ولا مرجعية للاعتراض.
سقطت جامعة الدول العربية بسقوط القاهرة وسادات كامب ديفيد، بالضربة القاضية..
وسقطت بغداد بعد مغامرات صدام حسين المفجعة، سواء بالحرب على إيران، أو بغزو الكويت، فضلاً عن الإرهاب في الداخل،
وها هي الحرب في سوريا وعليها والتي تمددت واستمرت طوال سبع سنوات تدمر العمران في درة التاريخ في الوطن العربي، وتملأ أرضها بجيوش أجنبية، بعضها حليفة وجاءت بطلب رسمي، وبعضها الآخر، الأميركي والتركي، ومعهما الفرنسي، جاء غازياً.
الوطن العربي مشاع لكل قادر على الأخذ، بالقوة أو بالقهر، بالحيلة أو بالنهب، مع تواطؤ بعض أهل النفوذ في الداخل..
من أين تجيء النجدة إلا من… الشعوب التي لا بد أن تستعيد وعيها، ومع الوعي القرار بالتغيير.. مهما بلغت كلفته!