عشنا، في لبنان، زمناً طويلاً نغبط أخوتنا العرب على ثوراتهم، ضد الاحتلال الأجنبي والانتداب (وبين نتائجه المباشرة ما يتجاوز التقسيم السياسي بحيث صار البلد الواحد دولاً شتى، وكذلك تقسيم الشعب الواحد الى أديان وطوائف ومذاهب بحيث تنتفي وحدة الجميع كشعب ووحدة الأرض كوطن واحد لجميعهم)..
كنا نرى في مصر نموذج الوطن الجامع، وكذلك في تونس، والجزائر التي أخضعت للاحتلال الاستيطاني الفرنسي لمئة عام وأكثر، وفي المغرب، كما في سوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية ومعها اليمن..
كنا نرى فيها جميعاً أهلنا وديارنا ووطننا الكبير الذي قسمه الاستعمار بحسب مصالحه فجعله دولاً شتى مفخخة بأسباب الانقسام، أما على قاعدة طائفية أو عرقية، بما يكفل له إدامة وجوده واستغلاله هذه البلاد الغنية والتي صنع أهلها ـ ذات يوم ـ تاريخاً جديداً للعالم بأسره.
اليوم، وعبر الساحات التي تتلاقى فيها جماهير هذه “الشعوب اللبنانية” تكتشف أنها واحدة في أصولها (كشعب) وفي مظالمها في حياتها اليومية، وفي طموحها المشروع الى مستقبل أفضل.
لقد كشفت “انتفاضة تشرين “الحقائق المطموسة بجهد الاستعمار والكيانات التي حاول أن يلغي بها الأوطان، فاذا الشعب واحد، على تعدد أديانه وطوائفه، فالدين لله والوطن للجميع.
لقد استولدت هذه الانتفاضة المجيدة الشعب الذي كان ممزقاً بالطوائف والمذاهب، ومع الشعب ولد لبنان الوطن.