طريف هو الجدل “المذهب” حول اعادة “العلاقات الطبيعية” بين لبنان وسوريا، التي يمكنك أن ترى ارضها من نافذة بيتك، اذا كنت من الشمال او البقاع او بعض الجنوب قرب السفوح “اللبنانية” لسلسلة جبال لبنان الشرقية، وجبل الشيخ بالذات..
إن اللبنانيين عموماً قد وعوا انفسهم “سوريين”..
ثم أن مقادير السياسة الدولية والعربية التي سلبت العرب فلسطين لتعطيها، جاهزة، عامرة، ومغروسة، ليهود العالم في مؤامرة دولية غير مسبوقة، قد جعلت سوريا هي الرابط الوحيد مع دنيا العرب.
هذا بغض النظر عن صلات القربى وروابط المصاهرة والانساب والمصالح الاقتصادية والاحتياجات اليوم، وعن أن الارض السورية هي المعبر الوحيد إلى دنيا العرب في الجزيرة والخليج. فضلاً عن العراق.
اما في التاريخ القريب فان أكثر من نصف اللبنانيين كانوا وما زالوا مرتبطين، معيشيا، بسوريا، حيث الحاجيات الضرورية، من الطبابة والدواء إلى الملابس والمفروشات إلى “جهاز العرايس” إلى اللحوم والغذاء أرخص بما لا يقاس منها في اسواق لبنان، برغم كل ما اصاب سوريا من تدمير وتخريب ومذابح وتهديم لعمرانها خلال دهر الحرب فيها وعليها الذي كثيراً ما تبدى بلا نهاية.
أما اليوم فان أية زيارة لدمشق، هي “موضع شبهة”.. ومجيء السوريين إلى لبنان “عنوان مؤامرة”.. اما عودة النازحين منهم إلى بلادهم فجريمة لا تُغتفر، اذ ستحرم لبنان من “المساعدات الدولية” ـ وهي لا تسمن ولا تغني ـ ومن “المكانة” التي جعلته محطة للمناورات والمؤامرات على مستقبل سوريا، ومعها لبنان، لحساب العدو الاسرائيلي الذي لا تتوقف غاراته على مختلف المناطق السورية، من قلب دمشق إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، ودائماً عبر القضاء اللبناني.
ممنوع الاتصال مع دمشق، وممنوعة او مستحيلة القطيعة معها.. فأين الحل؟ نتواصل دبلوماسيا، ويلتقي وزير خارجيتنا مع وزير خارجيتها في نيويورك، ولنا سفارة في دمشق، ولهم سفارة في بيروت.. اما الحديث المباشر ممنوع.
طريق بيروت ـ دمشق مقطوعة بالذهب الاسود، ودماء السوريين الحمراء.
ولا بد أن تفتح الطريق بين البلدين التوأمين.. فالدمُ أصدق إنباء من الذهب.