يكفي أن تسمع، كمواطن، ما يقوله كبار المسؤولين في لبنان، رؤساء ووزراء والشاطرين من النواب، فضلاً عن الخبراء الاقتصاديين، حتى تتجه إلى اقرب مكتب سفريات لتقطع تذكرة ذهاب بلا عودة إلى أي بلد يقبلك.. لترتاح وتريح.
إن التصريحات الرسمية هي، بالفعل، كشف بالفضائح التي يرتكبها كبار المسؤولين في مختلف الادارات والاجهزة، مدنية وعسكرية، فتكتشف انك تعيش في بلد لا شيء صحيحاً فيه: ما لا تتكفل به الرشوة بالمال، يحسمه نفوذ اهل السلطة بالشفاعة و”كرمالي مشيها.. وسأكون ممنوناً!”.
رئيس الحكومة ينعي على الحكومة تقصيرها، ويتهم بعض وزراء حكومته بالعمل لإثارة الفتنة، وبدلاً من أن يستنكر الجريمة المروعة التي ارتكبها “داعشي” حُكم بسنة سجن واحدة ثم اطلق سراحه فروّع طرابلس برصاصه واردى اربعة من رجال الامن وجرح بعض المارة.. بدلاً من ذلك استحضر رئيس حكومة لبنان “الفوضى السورية” ليعلق عليها اسباب هذه المجزرة.
أما وزيرة الداخلية وهيئة اركانها (موحدة الانتماء) فقد تعهدت بمكافحة الارهاب حيثما كان.. وقد تأكد تعهدها بحملة شارك فيها اقطاب تيار المستقبل في “حركة” لا يمكن النظر اليها ببراءة.
ما دخل تيار المستقبل، او أي حزب آخر، بالأمن في البلاد وهو من مسؤولية الدولة اولاً وأخيراً.. “الدولة” بما هي الشعب والارض والمؤسسات كمجلس النواب ومجلس الوزراء والقضاء والجيش والاجهزة الامنية الخ..
طرابلس هي طرابلس الشام. هي قلب العروبة النابض في لبنان.
طرابلس هي العاصمة الثانية التي تراجع الاهتمام بها إلى الدرجة العاشرة، فسادتها الفوضى، وأعجز اهلها الفقر والاهمال الرسمي.
وصحيح أن إهمال الدولة الذي يصور وكأنه “عجز” او “نسيان” يشمل المناطق جميعاً، بيروت والجبل والجنوب والشمال، لكن الفيحاء تستحق أكثر من الاستعراض الانتخابي.