أزورك سيدتي، لا استطيع ان اتخلف عن اللقاء، انت الصباح الجميل، وايقونة الفجر، ومرقد الطامحين الى ملامسة الغسق.. انت هكذا ما زلت عند الزاوية الصعبة تسدلين خصائلك المنمقة على قضايا الميعاد، وتحتضنين حكايا المجد والعشق والكلام المصبوغ والملون الذي يسري في عروق الطامحين الى النور ليسلطوا الضوء المسكوب على تلال الأمل..
أجراسك تدق مثل نبضات القلب..كأنك تعودين لتسكبين المتعة والإنفتاح. تدقين أجراس العودة. ليس لك مثيل ولا شبيه، لم يعد الحاضر يعبر عن أنفسنا.. لم يعد يتحدث عن مصائبنا.. افتقدنا لك الى الصوت الذي كان يمثل الناس..
اين فارسك وهو يعبر بالطريق الى قضايا الوطن، يبحث عن الصدى المترامي فوق اكتاف الكادحين الذين يحلمون بغد أفضل.. يترجم مشاعر الباحثين عن مأوى يقيهم من الذل والعار..
كنت صوتهم ومنبرهم والمكان الذي يفيض ترجمة للحالمين والتواقين الى المجد..وعنما اغلقت صفحاتك أفلت الزمام وتاه في مجاهل الزمن..
ترجل الفارس عن جواده طيفه العابق بالحياة يحوم فوق جدرانك كأنه ينادي خلف الزوايا المتعددة الصور. لم يسقط او يترنح بقي يصدح بصوته ويشبه الحمامة الليمونية على مدخل البهو..
صباحك مثل ورد الياسمين جدرانك التي تزهو بالكبرياء بقيت تتحدث عن أجيال.. انت التي أرغمت المتكبرين العابثين بامور الناس على الخنوع والركوع، كلماتك كانت اقوى من السيف في حدك الحد بين الجد واللعب.. ارغمت الطامعين بمستقبل البشر على السكوت والإنكفاء..
ينأى المكتب العلوي بنفسه من دون صاحبه، باتت الطوابق ظلماء، أين الذي كان يملأ المكان بعبارات الترحيب والضحكة النابعة من العقل النير..
أتذكرك بطلتك البهية بالعدد اليومي الصادر الذي كان يعج بالحياة، انا منك واليك من صميمك.. نحن الذين رفعنا البعض وأعطيناهم المكانة والمجد.. بدونك اصبحنا عراة هم أنفسهم خدعونا وطعنوا ظهرنا.. اكلونا لحما ورمونا عظما..
نحن اليوم بدونك مشاع للأهمال لكننا نتمسك بك بمبادئك وخطك. إعلمي سيدتي انهم لن يتمكنوا من إذلالنا او يجعلونا نجثو على ركابنا، حتى ولو وضعوا السيف على رقابنا.. انت الأصل ونحن بالمرصاد ولن يثنينا راينا عن الإرتماء في أحضان السفهاء، وان نكون تبعيين حقراء..
تحياتي يا قمرا غاب صباحك الجميل ذكرى تلامس روح العظماء.. يا حمامة طوت أجنحتها لكنها بقيت ترفرف في قلوب العالم أجمعين..