في بلاد الله لا يمكن أن يطلق اسم ملك أو رئيس حي، محلي أو أجنبي على شارع في العاصمة، لأن الهدف من تسمية الشارع تخليد ذكرى الرئيس أو الملك، ودائماً بعد الوفاة، نتيجة إنجازات باهرة أو انتصارات ساحقة على أعداء الوطن، أو لسقوطه شهيداً أو لابتكار علمي يفيد الإنسانية.
إلا في لبنان، فكل رئيس للدولة أطلق اسمه على شارع ممتد كالنهر، عشية نهاية ولايته.. واستمتع بأن يعبره جيئة وذهاباً ليتأكد من أن اسمه قد بات بين الخالدين.
وفي لبنان وحده من دون العالم، تطلق على شوارع عاصمته أسماء بعض محتليه، من قادة الجيوش الاستعمارية (فوش، اللنبي..) أو المفوضين السامين أيام الاحتلال (سبيرز وأمثاله) أو من ليس لهم تاريخ معروف يبرر التسمية (عبد الوهاب الانكليزي، على سبيل المثال).
تتجاوز التسمية، عادة، “الشخص” الى انجاز باهر حققه عبر حياته، سواء أكان علمياً، أم سياسياً، أم فنياً، أم اقتصادياً، أم تحقيق انتصار باهر على أعداء الشعب والوطن.
لم يحدث في أي مكان أو زمان ان أطلقت أسماء قادة أحياء، ملوكاً او رؤساء او عسكريين تراهم أوطانهم ابطالاً على شوارع العاصمة وهم أحياء.. بعكس العلماء في الرياضيات أو الفيزياء، أو الطب أو الهندسة ممن أضافوا انجازاً خارقاً الى العلوم، وأنقذوا حياة الناس، أو أبدعوا في الهندسة والمعمار مقدمين نموذجاً فذاً على عبقرية هذا المواطن المميز.
ليس معقولاً أن تتناثر أسماء الملوك وأمراء النفط، الأحياء، أطال الله أعمارهم، على شوارع مدينة عربية تحترم تاريخ شعبها وأمتها، وتدين المستعمر و”الخونة” الذين تعاملوا معه خلال وجوده أو حتى بعد رحيله.
أسماء الشوارع شهادات بالإنجاز الوطني والقومي (والأجنبي) على مستوى التحرر ونهوض الشباب والتخلص من العبودية والاستعمار وعبادة الأشخاص .. بالثمن، وليست نفاقاً لشيوخ قبائل عابرين في كلام عابر!