هل هي مصادفة قدرية ام هو قرار مقصود بذاته وبدلالاته التاريخية أن تجرى الانتخابات النيابية في اليوم الذي يحتفل فيه لبنان بعيد الشهداء، شهداء الظلم والقهر الذي مارسه الاتراك بإسم السلطنة العثمانية على العرب عموماً بعنوان لبنان؟!
هل يمكن، بالتالي، اعتبار الناخبين الذين سيتوجهون يوم بعد غد، الاحد في السادس من أيار، للإدلاء بأصواتهم، شهداء الظلم والقهر الذي يمارسه النظام الطائفي باسم الديمقراطية على الناخبين المتوهمين انهم يعيشون عرس الديمقراطية؟
إن النظام الطوائفي يجردك يوم الانتخاب من هويتك الوطنية، وكذلك من افكارك وآرائك السياسية والحزبية، القومية والتقدمية وحتى الانسانية ويعيدك مجرد رعية لمذهبك او طائفتك، وليس لدينك مثلاً، ويعاملك كنعجة من قطيع، عليك الالتزام بما تقرره قيادة القطيع بغير نقاش.
إن شهداء 6 ايار 1914 ـ 1915 كانوا ابطال مواقفهم السياسية المعادية للاحتلال العثماني، حتى وان كان بينهم من كان يعمل مع الفرنسيين او مع البريطانيين لتخليص بلادهم من الاحتلال التركي، المتوحش والمعادي للعروبة والوطنية والدين الحنيف، فضلاً عن المسيحية، ونزعة التحرر والرغبة في الاستقلال.
وها هي انتخابات 6 ايار تفرض عليك أن ترجع إلى احضان طائفتك وان تنسى مبادئك وتترك افكارك خارج القلم، ثم أن تستلم ورقة الاستسلام للقدر الطائفي وتدخل إلى صندوقة الاقتراع وانت تكاد تنكر نفسك ومبادئك وافكارك، وتُسائل ذاتك: هل انا أنا؟
حتى اذا ما خرجت من زنزانة قلم الاقتراع استعدت ذاتك.. فخجلت منها!