وحده المرض استطاع الانتصار على «ذاكرة لبنان الإدارية»: سامي شعيب.
من أول السلم الإداري وحتى ذروته كمدير عام لوزارة الداخلية كان هذا العاملي العصامي المولود في صيدا، والذي يشيع إليها ليدفن فيها اليوم، «المرجع» في القانون، وفي استنباط الحلول للإشكالات، كما كان ضابط الإيقاع بين الوزارات المختلفة.
لم يتغيب يوماً، لم يجامل في قضية حق، لم يتساهل مع أي تجاوز للقوانين، وكان منظماً ومنظِماً حتى إرهاق من يعاونه…
حتى في بيته كان التنظيم دقيقاً، وكان التحسب لما تخفيه المقادير قائماً.
عاش واقفاً، لم يستزلم، ولم يغير موقفه برغم التحولات والانقلابات السياسية. ظل مخلصاً لما آمن به، ولو انتصر الآخرون بالبهلوانيات ونقل البندقية من كتف إلى أخرى.
أكاد أجزم أنه أعد بنفسه نعي نفسه، لعظيم دقته واستعداده لكل المفاجآت… تماماً كما أعد لكل فرد من أفراد أسرته ما يريحه في حياته، متكئاً على رفيقة عمره التي فهمت طبيعته فانسجمت معها حتى التطابق الكامل.
سامي عبد المنعم شعيب يمكن أن يعتبر النموذج المميز للإداري الكفؤ، الذي يعتبر أن الأخلاق هي القانون ـ الأساس، وان خدمة الناس حق، وان الدولة فوق الزعامات.
جنوبياً عاش وصيدا قلب جنوبه مؤمناً بأن السلطة التي لا تهتم بأطرافها، الأبعد فالأقرب، لا تستحق أن يعهد إليها ببناء دولة.
رحم الله هذا الرجل الذي ظل يمشي مستقيماً حتى وعاديات الزمان تحاول إحناءه فيقاوم ولا ينحني.
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان