بغض النظر عن طبيعة الملابسات والاشكالات التي فرضت قيام حكومة الأمر الواقع، برئاسة الدكتور حسان دياب ومجموعة السيدات اللواتي يدخلن السراي، لأول مرة، بالشراكة مع بعض أهل الاختصاص من الوزراء.
وبغض النظر عن “الحياد.. الايجابي” الذي استقبل به الناس هذه الحكومة ذات الواجهة البراقة من الوزيرات اللواتي يقتحمن المجال العام، لأول مرة.
وبغض النظر عن صمت الصامتين واعتراض نادي رؤساء الحكومة السابقين الذين حققوا المعجزات وهم يجهدون في إعادة اعمار لبنان والقضاء على الفقر والحاجة والنهب المنظم وتهريب الأموال الى الخارج، بمعزل عن كيف ربحوها ومن أين وعلى حساب من..
وبغض النظر عن حملات التشهير والتجني التي شنها “السابقون” على “اللاحقين” ممن يسكنون السراي (المجددة) هذه الأيام.
وبغض النظر عن المصادفة غير السارة التي زامنت بين قيام الحكومة الجديدة مع انتشار وباء “كورونا” في العالم ووصوله الى لبنان، سواء بإصابات محدودة، أو عبر بعض المغتربين أو الطلاب الذين يدرسون في الخارج ولا سيما في البلاد التي ضربها هذا الوباء (فرنسا، اسبانيا، ايطاليا، سويسرا، اسوج ونروج والدانمارك..)
بغض النظر عن هذا كله فانه قد يكون من حسن حظ هذه الحكومة (ومن حظ اللبنانيين) انها جاءت في هذه الظروف الدقيقة، لتؤكد على بعض الوقائع المهمة، ومنها:
1 ـ ان الحكم ليس مهنة أو حرفة أو ضربة حظ أو إرثاً خلفه الأجداد والأبناء للأحفاد على طريقة “زرعنا فتحصدون”.
2 ـ انه ليس أمام هذه الحكومة من بديل عن النجاح.. وإلا رجمها الناس الذين سلموا بوجودها، قبل الزعامات والوجاهات السياسية التي أعلنت عليها الحرم وحرضت الناس عليها من دون أن تعطيها فرصة ولو قصيرة قبل “إعدامها”..
وبين أسباب هذا التسرع في الحكم على الحكومة الخوف من نجاحها، لأن نجاحها سيكون إدانة متأخرة لسابقاتها ممن اتهمت بالتزوير أو الاختلاس أو هدر الأموال العامة، أو التواطؤ مع المصارف على لقمة الفقير،
3 ـ كذلك فان نجاح هذه الحكومة سيعني ادانة صارمة للحكومات السابقة، وادانة ضمنية أيضاً لمجلس النواب على تقصيره في الرقابة والمحاسبة (أو التواطؤ) مع الحكومات السابقة ومن كان يرئسها ويساندها ويتستر على قصورها، كما على تناسيها بيانها الوزاري وتعهداتها ووعودها بأن تكون “الأولى” التي تفعل ما تتعهد به وتصدق تعهدها للناس بإنجاز المهمات التي لم تنفذها الحكومات السابقة..
ان الحكومة برئيسها الاستاذ الجامعي، وظاهرة اشراك السيدات في السلطة (وكلهن خريجات جامعيات وصاحبات خبرة وزوجات وربات بيت، وامهات) أمام تحدٍ لعله الأول من نوعه وذلك لأسباب محددة:
سيقال في مجال التوكيد على الفشل: لا يكفي ان تشكل الحكومة من اختصاصيين ندر أن عملوا في السياسة، مباشرة (كمرشحين للانتخابات النيابية أو أصحاب تجربة نيابية سابقة)
سيقال في مجال التشهير بالوزيرات الفاضلات: كأن البلاد تعاني نقصاً في الرجال، أو “هذه إدانة للرجال بالتقصير، وتزكية للنساء بالقدرة على الانجاز”..
فضلاً عن “أحاديث” أخرى من نوع: ان التجارب السابقة قد ادانت مجاميع من الوزراء بسوء الادارة، أو بالتفريط بالمال العام، أو بالإساءة الى سمعة الوطن ودولته، وهذه فرصة للنساء، ولربات البيوت ـ الأمهات ان يخضن تجربة فريدة في بابها. وأن يؤكدن انهن لسن أقل كفاءة أو حرصاً على أداء الواجب من الرجال، وانهن ـ من حيث المبدأ، ومن أجل انجاح التجربة ـ سيتصرفن كأمهات وربات بيوت فلا ينفقن إلا ما لا بد من إنفاقه وسيحاولن ـ ما أمكنهن ـ التوفير أو التدقيق في أرقام التكلفة..
وبالتأكيد فمن المفترض ان تحرص هاته السيدات على نجاح هذه التجربة الفريدة في تاريخ لبنان.