خسرت الثقافة العربية، قبل أيام، مفكراً كبيراً وخبيراً اقتصادياً مميزاً هو الدكتور محمود عبد الفضيل.
“ابن السيدة زينب” الحي الشعبي المعروف في القاهرة، الباحث والكاتب الجاد والذي كان فتى حين تفجرت ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، فواكبها دارساً ومناضلاً، وظل مخلصاً لأفكاره القومية حتى يومه الأخير.. خصوصاً وقد انعشته انتفاضة الميدان (25 يناير/ كانون الثاني 2011) فكتب منوهاً بها مرشداً لمسارها مستبشراً بالتغيير.
ولقد كان محمود عبد الفضيل عربي التوجه، قومياً في رؤيته للمستقبل، خصوصاً وقد عرف معظم ارجاء الوطن العربي دارساً وباحثاً وكاتباً ومحاضرا، وجاء بيروت مراراً وكتب في “السفير” ابحاثاُ ودراسات جادة، وترك لمحبيه وقرائه وتلاميذه كنوزاً من الافكار الاصلاحية والآراء للاقتصاد والمجتمع.
كان الراحل من اوائل المشاركين في المؤتمر القومي العربي في التسعينيات من القرن الماضي، كما كان من المشاركين في صياغة المشروع النهضوي العربي الذي اصدره مركز دراسات الوحدة العربية في شباط/فبراير2010. وقد نعته الامانة العامة للمؤتمر القومي.
ولد الدكتور محمود عبد الفضيل في حي السيدة زينب في اسرة متوسطة سنة 1941، واهتم بالثقافة، واهتم بشكل خاص بكتابات كامل الكيلاني، ودرس عبد الفضيل في كلية التجارة بجامعة القاهرة ليتخرج منها سنة 1962، ثم سافر للحصول على الدكتوراه من جامعة السوربون، قبل أن يعمل خبيراً بقسم الاقتصاد التطبيقي بجامعة كامبردج خلال الفترة 1972-1975، ثم خبيراُ في البنك الدولي، قبل أن يعود إلى مصر ليترأس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة.
والدكتور محمود عبد الفضيل معروف في الاوساط الفكرية والثقافية والاقتصادية والعلمية، على المستويات العربية والإقليمية والدولية.
وللمفكر الكبير عدد من الكتب البارزة والدراسات الاقتصادية الشهيرة وهو من أنصار عدم الفصل بين الاقتصاد والسياسة، وهو احد المهتمين بدراسات المجتمع وله كتاب مثير حمل عنوان “رأسمالية المحاسيب” كشف فيه التفاوت الكبير في الدخول والانفاق في مصر بين فئتين من المجتمع الأولى شديدة الثراء تسكن في القصور والفيلات والأخرى تعاني من العوز الشديد.
كما قدم الراحل كتاباً آخر تنبأ فيه بانتفاضة المصريين في 25 يناير تحت اسم “نواقيس الانذار المبكر” حيث عرض فيه اهم مشكلات مصر التي تواجهها وعلى رأسها البطالة.