فجأة، ومن دون مقدمات، يتحول أي اشكال سياسي، كتعذر تشكيل الحكومة الجديدة، او تفجر الخلاف حول قانون الانتخاب، او استحالة الاتفاق على المرشح العتيد لرئاسة الجمهورية، إلى… مشروع حرب اهلية جديدة!
ها نحن نشهد الانحراف الخطير، مرة أخرى: يُثار خلاف حول تشكيل حكومة جديدة، فيعتبر السنَّة ذلك مساً بكرامة الطائفة..
..ويطالب المطالبون بإلغاء حقيبة الوزير الذي يفترض انه من حصة رئيس الجمهورية (وهو رئيس البلاد جميعاً) فتقوم قيامة الطائفة ويتداعى وجهاؤها إلى بكركي ليتحصنوا بغبطة البطريرك، مستذكرين انهم أقدم طائفة في التاريخ، وحقوقهم بالحكم مقدسة.
أما الدروز فمشكلتهم أسهل: تثبيت القاعدة المعتمدة 1×2 فيتم الحل.
..واما الشيعة فقد تعززت “وحدتهم” عبر التفاهم المفتوح (حتى الساعة) بين “أمل” و”حزب الله”، والذي تحصنه مخاوف الطوائف الأخرى منهم.
كيف لنظام يلغي المواطنين ويقوم على تلاقي او تفاهم زعماء الطوائف، الذين جاءت بهم الوراثة او المصادفات التاريخية، أن يكون “ديمقراطياً”، فضلاً عن أن يكون عادلاً، والمغانم تذهب إلى الاعظم طائفية ويبقى الرعايا جميعاً في وهدة الفقر والعوز.
..ثم يحدثونك عن “الوحدة الوطنية”!
علماً بأن تطبيقها في لبنان يعني أن تكون كل طائفة لوحدها، قرارها لزعيمها (او زعمائها ووجهائها مجتمعين في بكركي)..
إن اللبنانيين رعايا، مجرد رعايا، لمجموعة من المرجعيات الطائفية التي تعمل في خدمة الاقطاع السياسي وتمكنِّ له، وتجعله “شرط الوجود” و “مصدر القرار المستقل”..
لذلك يبقى شبح الحرب الاهلية مرفرفاً فوق البلاد..
ولذلك يذهب النخبة من ابنائنا للدراسة في الخارج فلا يعود منها الا القليل القليل..
ولذلك تصير الانتخابات النيابية مزورة، بغض النظر عن قانونها.. فكيف بنتائجها في الانتخابات الرئاسية والثقة بالحكومة .. واقرار القوانين من فوق مصالح الشعب، المغيب دائماً عن القرار؟!
ولذلك لا تولد الحكومة الا عبر الازمة التي قد تنذر باشتباك مديد..
ولذلك لا أمل ولا مستقبل لأجيالنا الجديدة في ظل هذا النظام الذي وضعه الاستعمار لإلغاء الوطن والمواطن!