نشّطت احتفالات اليوبيل الذهبي ذاكرة جامعة الدول العربية فإذا هي تستعيد وعيها بكثير من التوصيات والمواقف والقرارات المنسية،
من ذلك مثلاً انها استذكرت قرار مجلس الجامعة الرقم 5213، تاريخ 5/7/1992، والقاضي »بتقديم الدعم الذي خصصه مؤتمر القمة العاشر لاعمار لبنان، وطلب إلى دول اللجنة الثلاثية مواصلة اتصالاتهم الخاصة بوضع آلية فعالة لانطلاق الصندوق الدولي لإعمار لبنان«،
ومن ذلك أيضù »توجيه الشكر إلى الدول الأعضاء التي بادرت بتقديم العون والمساهمة المالية إلى الحكومة اللبنانية تنفيذù لقرار مجلس الجامعة رقم 5318 المتخذ بتاريخ 30 تموز 1993 في الاجتماع غير العادي للمجلس بدمشق، وحثّ بقية الدول الأعضاء على الإسراع في تقديم مساهمتها المالية تنفيذù لهذا القرار«…
المهم الآن أن »تنفع الذكرى«، وأن يستعيد الذين نسوا أو تناسوا وعيهم بالموجبات التي فرضت عليهم إقرار مبدأ المساعدة ثم تحديد الأنصبة والتعهد بدفعها من دون إبطاء!
ذلك أن الدول العربية، وعلى فترات متقطعة، كانت بدايتها في قمة تونس (في الزمن القديم!!)، قرّرت للبنان المليارات، ثم عزّزت »الرصيد« الذي لم يدفع بصندوق دولي لم ينشأ أبدù ولم يوضع فيه قرش واحد، وإن كانت الصالونات والصفحات الأولى من الصحف والنشرات الإخبارية في الاذاعات والتلفزيونات قد ردّدت بلا تعب أسماء المرشحين لرئاسة مجلس إدارة هذا »الصندوق من ورق«، حتى من قبل أن ينجز »قانونه الأساسي« الذي تخاطفه الصحافيون بوصفه »سكوب الموسم«!
وإذا كان بعض الدول العربية يتشفّع لدى واشنطن ولندن، وحتى لدى تل أبيب، لشطب الديون الغربية عليه (كالأردن)، أو »لبيعها« أو »شرائها« بربع سعرها الأصلي بعد حذف الفوائد، فإن لبنان مستعد لأن يقبل القاعدة نفسها في استيفاء ديونه على أشقائه العرب.
ومن دون تفويض من أي مرجع رسمي يمكن التعهّد بأن الدولة ستوافق قطعù على إنقاص صفر أو أكثر من قيمة المبالغ الاجمالية التي رصدت (على الورق) لاعادة الإعمار أو للتعويض على ضحايا الاجتياح الجوي الإسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي: المليارات الأربعة لا بأس بها إن هي جاءت أربعماية مليون دولار، وما تبقى من الخمسمائة مليون دولار لا بأس إن هي جاءت مائة أو على حافتها!
ومع الوعي سلفù بأن المعنيين من القادرين على الدفع الذين »طنّشوا« طوال السنين الماضية سيستمرون في »تطنيشهم« وادعاء الطرش، فلا أقل من أن يتكرّم أصحاب الشواطئ الطويلة منهم والغنية بالأسماك من إمداد الصيادين في صور والصرفند وصيدا ببعض »الرزق«، تعويضù لهم عما خسروه ويخسرونه يوميù في ظل الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على الشواطئ الجنوبية.
»نقبل التبرعات عينù. نقبلها طحينù وزيتù وسمكù!
»ونقبل المواقف كلامù، نقبلها إدانات وشجبù واستنكارù،
»ونقبل الصندوق صغيرù، وفيه خرجية بسيطة لأولاد أولئك الذين قضوا في الحرب، أو للمساعدة في ترميم منازلهم التي هدمتها القذائف والصواريخ الإسرائيلية«.
لا يشترط الأخ على أخيه حجم المساعدة ونوعها، والكريم من قدَّر فعذر!
ولكن ثمة اقتراحا مرتجلا وبسيطا: أن يمتنع المسؤولون العرب، في مختلف عواصمهم القريبة كعمَّان، أو البعيدة كعُمان، عن استقبال كبراء إسرائيل ووزرائها إلى أن تفك الحصار عن شواطئ لبنان، وحتى تمتنع عن دك مدنه وقراه، وحتى تتوقف عن قتل أبنائه بغير تفريق بين الأطفال والنساء والشيوخ داخل الشريط المحتل أو في المناطق المحررة،
إن إسرائيل تنوي كما تقول إذاعة مرتزقتها في الجنوب المحتل تأديب الدولة لأنها لم تذبح المجاهدين من رجال المقاومة،
فهل يتكرّم أولئك الذين وعدوا بالمساعدة ثم نكثوا الوعد بإرسال بعض السكاكين كهبة أو حتى كقرض ميسَّر (من أصل المبالغ المرصودة) لعلهم بذلك يمنعون عن أخيهم الصغير الاجتياح الاسرائيلي الجديد؟!
بحث
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
المقالات ذات الصلة
© 2024 جميع الحقوق محفوظة – طلال سلمان