كيف يمكن لحكم غير متوازن، بمجلس نيابي غير متوازن، وحكومة غير متوازنة أن يُنتج موازنة متوازنة يمكن أن نتوقع منها أن تُخرج البلاد من ازماتها الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية اساسا؟
انها دولة بعشرة رؤوس او أكثر، غير الرؤوس المموهة او المتخفية خلف اصحاب رؤوس الاموال، وداخل المصارف وخارجها، وفي التلزيمات والتعيينات والتخمينات والصفقات العلنية او السرية الخ.
ثم انها حكومة ائتلافية بين مختلفين على ما يجمعهم في الحكومة، وما يفرقهم امام ناخبيهم: يزايدون هنا ويناقصون هناك، يقولون في الجلسات المغلقة عكس ما يطلقونه من تصريحات ووعود للاستهلاك الانتخابي، يقرأون تصريحاتهم في الصحف وامام شاشات التلفزيون فينكرونها ولكنهم لا يكذبونها حتى لا “يؤدبهم” من اختارهم لتمثيله في الحكومة بتهمة “اساءة الامانة وكشف الاسرار التي لا يجوز كشفها امام العامة”..
كذلك فهم يعرفون أن الارقام متحركة ويمكن نقلها من بند إلى آخر بشحطة قلم، وما أكثر الاقلام المستعدة لان “تشحط” فتعدل بل وتبدل رقماً بآخر، او تنقل: اعتماداً من هذا البند إلى بند آخر “بتوافق ودي” بين الوزيرين برعاية هذا الرئيس او ذاك..
…ووزير المال يتقن لعبة “الحاوي” او “الساحر”، يتلاعب بالأرقام ليرضي من ليس من استرضائه بد، ولو بالثمن، مدركاً ان كثيرين سيعارضون ولكن ليس لهم حق الفيتو، وهكذا يبقى اعتراضهم “حكي بحكي”، وليس أسهل من الحكي الذي يمكن أن يتحول من “مع” إلى “ضد” حسب رغبة المستمعين فوق، والمؤهلين والقادرين على رفض التعديلات او قبولها “التزاما بالمصلحة العليا”.
هي ارقام، مجرد ارقام، يمكن تدويرها او تربيعها او تثليثها، وفقاً لضرورة تمرير الموازنة في المجلس النيابي ثم على الشعب بأقل الخسائر التي يمكنه أن يتحملها.. فوق طاقته!
ربما لهذا يتلاقى، اللبنانيون فلا يعرفون بعضهم بعضاً، نتيجة الدوخة التي عصف بما تبقى من قدرتهم على الصبر .. كما على القهم!
على أي حال، هي مجرد أرقام.. والواقع أمر وأقسى، والنهب لا يتوقف امام الاصفار مهما بلغ عددها!