نادراً ما استمعت إلى خطب الجمعة او الآحاد، بمعزل عن احترامي لرجال الدين.. لكن خطبة المطران بولس عبد الساتر، أمس الاحد، بنبرتها القاسية وصراحة الموقف من الطبقة السياسية، ترجمت كل ما تضمنته عظات البطريرك الراعي وتصريحاته “السياسية” في الفترة الاخيرة، لجهة تحديد الموقف والتعاطف مع الانتفاضة التي تهتف بمطالب الناس منذ مائة يوم او يزيد.
المناسبة: عيد مار ماورن. والمكان: كنيسة مار مارون في الجميزة.
في الصف الاول الرؤساء والثلاثة: ميشال عون، نبيه بري، حسان دياب، وقد احاطهم الوزراء والنواب ووجهاء الرعية، وبعض جمهور المؤمنين. اضافة إلى الحرس الجمهوري ومرافقي الرئيس بري والرئيس دياب..
كان الجو طبيعيا في تلك الكنيسة، والكل يتوقع خطبة تقليدية، للمناسبة التي لا تصلح ـ من حيث المبدأ ـ لإطلاق المواقف السياسية، اقله بالوضوح والصراحة القاسية التي عبرت عنها الخطبة.. لا سيما في ظل الحضور الرسمي المفخم..
لكن المطران بولس عبد الساتر فعلها: أدان الكذب والرياء قبل أن يتوجه إلى الحضور الفخم بالكلام الصريح، مباشرة، وفي وجوههم، وعلى مسامعهم وامام عيونهم..
قال المطران عبد الساتر في مواجهة الرؤساء والوزراء والنواب والوجهاء:
“نريدكم قادة مسؤولين، بعيدا عن الكذب والرياء، ولا نريد اللغو الذي يشابه نحيب الام على ولدها الذي انتحر امام عينيها.
“اخرجوا الفاسد من بينكم، واستردوا منه المال الذي نهبه،
“اصلحوا الخلل في الاداء السياسي والاقتصادي..
“وحاولوا أن تعملوا مع الثوار الحقيقيين، والا فالاستقالة اشرف..
إن شبابنا يقفون بالطابور، امام ابواب السفارات للرحيل.. فماذا تنتظرون؟!”
..بعد هذا الخطاب ـ السابقة هرول الرؤساء خارجين من الكنيسة إلى مكاتبهم ليباشروا تنفذ توجيهات المطران بولس عبد الساتر.
هكذا يكون رجل الدين الحقيقي: يعظ فينصح، فان لم ينفع النصح وجه، فان لم ينفع التوجيه انذر.. تاركاً الكلمة الاخيرة للشعب الذي يسمع ما لا يحب أن يسمعه الرؤساء الذين في اذانهم وقر.