في وطن صغير كلبنان، وفي دولة شحيحة الامكانات والقدرات، يتعاظم دور “الاقطاع الجديد”، سواء عبر المناصب الرسمية التي تدر خيراً كثيراً، أو عبر الصفقات المجزية التي لا تجد من يحاسب عليها الراشي والمرتشي، علماً بأن العديد من هؤلاء صاروا نواباً أو وزراء أو رجال أعمال مقتدرين..
النواب بالرشوة أو بالشعار الطائفي أو الدين..
الوزراء وفق قاعدة تقاسم الغنائم ومن أخل أو تخوف أصحاب القرار من نظافته وإصراره على فضح المرتشين وباعة نفوذهم في الدولة.. بالثمن استبعد عن التوزير حتى لو كان فائزاً في الانتخابات بعشرات آلاف الأصوات مقابل منافسيه أصحاب المال والنفوذ الذين بالكاد ينجحون.. على الحفة.
على هذا يصبح المتهم الأول بارتكاب هذه “الفضائح”: الشعب!
“الشعب” الذي يحني ظهره ويكاد يقبل أيادي أصحاب النفوذ، وهو يعرف انهم راشون وفاسدون، من أجل وظيفة دركي أو مجند أو موظف بسيط في أي دائرة رسمية أو في مصرف أو شركة خاصة.
“الشعب” الذي يسكت مكرهاً على الغلط، ويخاف من محاسبة المخطئ، ويندفع الى صندوق الانتخاب مدفوعاً بالحاجة أو بالغريزة الطائفية والمذهبية، فيعيد الاقتراع لمن يعرف عن فسادهم الكثير، وليكن خياره ضيق، في ظل نظام الانتخاب الطوائفي الذي يحكم الدولة من قمتها العليا الى موقع الحاجب.
لقد قسم “الزعماء” الشعب بالطائفية والمذهبية، فأوقفوه صاغراً على أبوابهم، خصوصاً وانهم يتحكمون بالوظائف في الدولة، ويمونون على القطاع الخاص وقد باتوا شركاء ومساهمين أساسيين فيه لتعيين بعض أنصارهم الأوفياء والتدخل ضد “خصومهم” الفقراء حتى يتوبوا ويعودوا ليقبلوا أيدي الزعيم القادر على كل شيء في هذا النظام المعادي للإنسان والمتنكر لحقوقه.