الوضع السياسي في لبنان هذه الايام مثالي:
ـ رئيس للجمهورية “يحكم” نظرياً، ولا حكومة!
ـ رئيس سابق للحكومة المستقيلة، مكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، لكنه غائب عن البلاد باستمرار، لاهتمامه بشؤون أخرى أهم وأجّل، وأخطرها ما يتصل بترميم علاقاته بالسعودية بشخص ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.. وربما لهذا لاقاه إلى موسكو ليشهد معه افتتاح الاولمبياد والخسارة المدوية للفريق السعودي في مواجهة الفريق الروسي لكرة القدم (0 ـ 5).
ـ رئيس جديد ـ قديم ـ دائم لمجلس النواب، ينتظر استشارات لا تتم، ويسلي وقته باستقبالات لا صلة لها بالموضوع الاصلي، وكلما طال انتظاره زادت شروطه على التشكيلة المفترضة للحكومة الجديدة،
ـ كتل نيابية جديدة أفرزتها انتخابات الصوت التفضيلي، تفترض أن من حقها أن تتمثل فتدخل جنة السلطة عبر الحكومة الجديدة بقوة الاصوات التي مكنتها من اختراق الاسوار العالية للحكم بعد غياب او تغييب مقصود عنه..
ـ كتل نيابية قديمة كانت محدودة العدد فنفختها الانتخابات بمناخها الطائفي الخانق فجاءت على خيلها تطالب بنصف التمثيل المسيحي، فاذا ما صدها جبران باسيل مدعياً بأنه هو قائد المسيرة المارونية الجديدة إلى العهد ما بعد العهد الجديد.
ـ “حزب الله” خرج من تقليده المتمثل بأن يرضى بنصيبه المتواضع كما في الحكومات السابقة، وطالب بحصة وزارية توازي حجمه النيابي، شاء من شاء وأبى من أبى..
ـ وليد جنبلاط يرى نفسه (وحزبه ونجله تيمور ضمنا) الممثل الشرعي الوحيد للطائفة الدرزية، وليوزِّر طلال ارسلان من “اعاره” النواب لكي يتبدى كرئيس كتلة.. مع أن نواب الاعارة من المسيحيين ..
ماذا يتبقى للزعماء القدامى، ومن ضمنهم الرؤساء الثلاثة إذا ما تمت الاستجابة إلى مطالب النواب الجدد…
القاعدة المعتمدة، غالبا: صحيح ما تقسم، ومقسوم ما تأكل، وكل حتى تشبع..
لكن لا احد من اهل السياسة، وتحديداً من الزعماء يمكن أن يشبع..
انها معضلة معقدة، خصوصاً وان البلد قد “نشف”، وصارت ديونه أثقل من أن يستطيع حملها.. مع حمل هذه الطبقة السياسية التي لا تشبع..
..ترى من يفكر بالبلد وشعبه الذي نصفه يعيش الكفاف داخلة وثلثه في المهاجر، يستوي أن يدخلها شرعاً من ابوابها او عن طريق التهريب، والباقي في انتظار “الفيزا” لينتقل من جحيم الوطن إلى جحيم ..المنفى!