لم يفاجأ اللبنانيون، عموماً وقيادة “حزب الله” خصوصاً بالقرار الهمايوني الذي اصدرته ادارة الاحمق دونالد ترامب بوضع ثلاثة من المسؤولين البارزين في قيادة “حزب الله” بينهما نائبان شرعيان فازا بعشرات الألوف من اصوات اللبنانيين على “اللائحة السوداء” والتعامل مع هؤلاء المجاهدين الثلاثة وكأنهم “جناة” او من الخطورة بحيث انهم يهددون الأمن القومي لأعظم دولة في العالم والأغنى بينها جميعاً… بأفضال النفط والغاز العربي ضمناً.
وليس غريبا أن يتصرف الكاوبوي الذي نجح في المضاربة بأصوات الناخبين الاميركيين ليصير رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، بهذه الحماقة التي تصيب كرامة الشعوب الأخرى قبل دولها.
كذلك ليس غريباً أن يتصرف هذا الرئيس الارعن بهذه الصفاقة والاحتقار لإرادة الشعوب عموماً، ولشعب لبنان خصوصاً، فيقرر “معاقبة” ثلاثة قياديين في “حزب الله” بينهما نائبان جمعا من الاصوات الطبيعية اكثر ـ نسبياً ـ من اصوات من انتخب هذا المضارب غريب الاطوار، والذي يباغت الاميركيين وبينهم المسؤولون في ادارته والعديد من قادة العالم، وحتى من وزرائه ومن اعضاء الكونغرس بتغريداته التي يتفرغ لها مع ساعات الصباح الأولى، قبل أن يستفيق الجميع من نومهم.
انه قرار اسرائيلي هذا الذي اتخذه ترامب ضد النائبين المنتخبين شرعاً محمد رعد وأمين شري وضد المسؤول الامني في “حزب الله” ورجل المهمات الدقيقة وبينها المصالحات السياسية وفيق صفا.
ومفهوم أن الادارة الاميركية الحالية هي الاكثر صهيونية في تاريخ اميركا، وان صهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر أكثر ولاء لإسرائيل، وهو الصهيوني نسبا، من ديفيد بن غوريون وشارون وموشى دايان وصولاً إلى بنيامين نتنياهو.
إن هذا القرار الجائر، بل الهمايوني، يشكل اعتداءً فظاً وتجاوزاً لكل الاصول والاعراف، وامتهاناً للكرامة الوطنية، ولإرادة الشعب اللبناني ودولته بمؤسساتها الدستورية كافة: المجلس النيابي والحكومة والرئاسة الأولى.. بل انه احتقار فظ للشعب اللبناني بكافة اطيافه..
انه قرار اسرائيلي، قلباً وقالباً.. وليست مصادفة أن يصدر عشية الذكرى الثالثة عشر لحرب تموز، التي مُني فيها “جيش الدفاع الاسرائيلي” بطيرانه المتفوق وبحريته الحربية وجنوده المحتمين بالدبابات والمدفعية الثقيلة حتى إذا دمرت دباباتهم اعولوا بالبكاء والندب واستجداء النجدة حتى لا يأسرهم مجاهدو “حزب الله”.. بتلك الهزيمة النكراء التي شهدها العالم اجمع.
ومن المحتمل أن “تبرر” ادارة ترامب هذا القرار الأخرق بأنه جزء من الحرب الاميركية على ايران.. مع التجاهل أن لبنان دولة ذات سيادة، وان الشعب اللبناني قد احتضن هذا الحزب المجاهد مقدراُ له تضحياته العظمى في معركة تحرير جنوبي لبنان وسائر المناطق الي كانت تحتلها القوات الاسرائيلية الباغية، حتى اجلائها عن لبنان جميعاً في 25 ايار العام 2000.
إن هذا القرار الأرعن اعتداء يتجاوز بانعكاساته لبنان و”حزب الله” ليصيب الكرامة الوطنية والعربية، قبل ايران وبعدها حتى لو استخدمت واشنطن علاقة الحزب بإيران كذريعة.. فلم تكن هذه العلاقة “سرية” في أي يوم، وان هي قد خدمت المعركة الوطنية والقومية (والاسلامية) ضد العدو الاسرائيلي وضد الهيمنة الاميركية على المنطقة.
وبالتأكيد فإن انظمة النفط والغاز بملوكها وامرائها اصحاب العقال المذهب والكفافي الرقطاء بين مشجعي الادارة الاميركية على اتخاذ قرارها الهمايوني هذا، بالتعاون، بل التواطؤ مع العدو الاسرائيلي الذي هزمه “حزب الله” مرتين، برغم تباهي تل ابيب بتفوق جيشها المعزز بأحدث الطائرات الحربية الاميركية واحدث الدبابات والمدافع الذي تنتجها دولة العصابات الصهيونية أو تأتيها كهدايا من بعض دول الغرب (بريطانيا وفرنسا والمانيا الخ..)
إن هذا القرار الاميركي الارعن يمتهن كرامة اللبنانيين جميعاً، بمن فيهم من قد لا يتفق مع “حزب الله” في السياسة، وذلك الدور العظيم الذي لعبه هذا الحزب في تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي ثم في ردع اسرائيل عن تكرار اعتداءاتها على سيادة لبنان واستقلاله..
إن هذا القرار المجنون يمس كرامة كل لبناني، فضلاً انه تحد خطير وامتهان فظ لكرامة الدولة اللبنانية برئيسها ومجلسها النيابي وحكومتها.
انها حرب اسرائيلية جديدة بقرار أميركي مكشوفا ومعلن بتباه فظ واستخفاف بالاصول والقيم والعلاقات بين الدول.
ولسوف يصيبها ما اصاب الاحتلال الاسرائيلي ثم الحرب الاسرائيلية التي وقعت في مثل هذه الايام من تموز 2006.