القاعدة هي هي عبر التاريخ، وقد عبر عنها واحد من عظمائه وهو ابو ذر الغفاري بالقول: عجبت من الجائع، او المجوع، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه؟
ولقد وحد ذل الحاجة والعوز الناس الذين كان “زعماؤهم” يفرضون عليهم الانقسام بذل حاجتهم، ويتوزعونهم بحسب احتياجاتهم وعلى قاعدة طوائفهم ومذاهبهم، بينما “الزعماء” موحدون ضدهم.
بارك الله بالحاجة، بالفقر، بالعوز، برفض الاذلال والاضطهاد ومحاربة الناس وتقسيمهم وتفريقهم ليسهل احتواؤهم: لقد انتبه الناس، فجأة، إلى انهم في الاحتياج “واحد”، والى أن مجوعيهم عصابة تتحكم بمفاصل حياتهم جميعاً: هم المرجعية إذا اردت ادخال أحد مرضاك إلى المستشفى، او إذا ما رغب أحد ابنائك في دخول كهف الدولة إلى واحدة من اداراتها كموظف بسيط.
لقد تعامل النظام مع اللبنانيين على انهم قبائل وعشائر وطوائف ومذاهب مقتتلة وليسوا شعباً واحداً له أهدافه وطموحاته وهمومه المشتركة.. وكانوا كلما تقاربوا او وحدتهم مصالهم وطموحهم إلى دولة تهتم بشعبها الذي يفاخر بانه الاكثر رقيا وتقدماً من مجموع العرب والشعوب المقهورة في بعض آسيا ومجموع افريقيا وفي بعض دول اوروبا.
ها هم اللبنانيون يقولون اليوم في مختلف مناطقهم، وعلى اختلاف توجهاتهم السياسية وانتماءاتهم الطائفية والمذهبية انهم شعب واحد بمطالب موحدة، قد استفاق ـ أخيراً ـ وقرر محاسبة الطبقة الفاسدة المفسدة التي تحكمه.
ها هم ينتصرون على الطائفية والمذهبية والعنصرية ويؤكدون وحدتهم ويخرجون على “اسيادهم” الذين يتحكمون بهم من المهد إلى اللحد، ويجبرونهم على تقبيل اياديهم للوصول إلى الحد الادنى من حقوقهم البسيطة في العيش الكريم. يدفعون رواتب “الكبار”، ثم يدفعون لهم الرشوات تبيعة واذلالاً، ثم يحملونهم على اكتافهم وقد يستضيفونهم في بيوتهم ويولمون لهم، ثم … يلقون جزاء سنمار.
حمى الله وحدة هذا الشعب، فبها يستطيع أن يصنع المعجزات.