تغتسل فلسطين بدمها يومياً، وأحياناً أكثر من مرة: في غزة أساساً، في نابلس، في الناصرة، في القرى التي لا نعرفها إلا من خلال شهدائها، على اطراف القدس بعنوان المسجد الأقصى، أو من حول رام الله وفيها..
أن شعبها في الشارع دائماً، يحاول الإمساك بمصيره مجدداً. يجتهد في أن يتحاشى المؤامرات والمناورات الدولية والتي كثيراً ما تتستر بغطاء عربي، وأحياناً تلبس قناع السلطة التي لا سلطة لها، مع التنازلات التي تقدمها بأمل فتح الباب لتفاوض جدي مع سلطات الاحتلال، مستندة إلى دعم “الأخوة العرب” الذين يتوزعون بين صمت العجز والهرب من مسؤولية المواجهة.. وفي حالات معينة خوفاً من الإمساك بهم في موقع التواطؤ مع العدو الاسرائيلي، مباشرة أو عبر راعيه (وراعيهم) الأميركي.
أن شعب فلسطين في الشارع دائماً، حتى يكاد يسكنه، سلاحه الوقوف فوق أرضه حتى الاستشهاد فوقها ومن اجلها بحيث يزرع دمه فيها لتنبت مجاهدين والمزيد من الفتية المجاهدين، من بين الذين أمنوا بربهم فزادهم هدى.
يشيع شهيد الغد شهيد اليوم، ثم يعود لمواجهة المحتل القاتل، والأهل يزيدون من معدلات الولادة لأنهم يعرفون أن ابناءهم منذورون للشهادة.. والعدو يغل في دماء أهل الأرض، فلا هو يشبع ولا هم يستكينون بل يخرجون مع الصباح لمواجهته وتأكيد حقهم في بلادهم التي يحاول انتزاعها منهم بإبادتهم..
يتلفت الفلسطينيون من حولهم فاذا “سلطتهم” غارقة في مباذل الخلافات التي تسرع التنازلات وتستهين بالمقدس شرعاً وشرفاً ودستوراً وديناً وقانوناً..
واذا العرب مشغولون عنها بخلافاتهم ومناكفاتهم ولا يجد قادتهم الحل لمشكلاتهم إلا بأن يبيعوا المزيد من جلدها (ومصيرهم) للمحتل الاسرائيلي نفاقاً للمهيمن الأميركي..
.. فاذا ما افتضح أمر صفقة جديدة هتفوا، في محاولة لمخادعة “الجمهور”:
“يا فلسطين جينالك.. جينا لنشيل أحمالك”
… ثم لا يجيئون وتغرق فلسطين في بحور دمها.