سقطت جامعة الدول العربية بالضربة النفطية القاضية،
وعندما فشل مجلس التعاون الخليجي في أن يشكل “البديل” كمرجعية عربية، حتى في حل الخلاف العقائدي المعقد بين الرياض والدوحة،
يمم الكل وجوههم في اتجاه واشنطن باعتبارها عاصمة العقد والحل للعرب جميعاً، عاربة ومستعربين.. ولم يفكر احد من حكامهم باللجوء إلى “جامعتهم”..!
المباراة محتدمة الآن بين “الزعماء العرب” على شرف الموقع الاول في صداقة الرئيس الاميركي دونالد ترامب: هل هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ام ولي عهد الامارات الشيخ محمد بن زايد، وكلاهما قد التقى “المرشح” ترامب قبل فوزه بالرئاسة، ام الامير محمد بن سلمان الذي كان اول مسؤول عربي يلتقيه رئيساً فيستقبله استقبالاً ملكياً، ويعقد معه ووفده إلى طاولة الاجتماعات في البيت الابيض، وكأنه ملك كامل الصلاحية..
وها هو الخلاف غير مفهوم الاسباب الذي تفجر مؤخراً بين السعودية وقطر، قد استنفر امارات مجلس التعاون، ما عدا سلطنة عمان، فلبست ثياب الحرب واندفعت في هجوم شرس على الامارة المن غاز، فقطعت العلاقات معها ورحّلت رعاياها وفرضت عليها حصاراً شديداً، بينما هي تفك الحصار تدريجياً عن دولة العدو الاسرائيلي..
الملفت أن هذه الدول التي يتباهى حكامها بنسبهم العربي الصافي، وبسبق اجدادهم إلى الدين الحنيف، بسبب الموقع الجغرافي في شبه الجزيرة العربية، لم تتوحد في الموقف من قطر وهي تنفرد فتعترف بدولة العدو الاسرائيلي وتكرمه بفتح سفارة لها فيها..
ومن باب لزوم ما لا يلزم، لا بد من الاشارة إلى أن هذه الدول لم تفكر لحظة في أن تلجأ ـ مثلاً ـ إلى جامعة الدول العربية لحل الخلاف مع قطر..
كذلك فلا بد من التنبيه إلى أن غالبية هذه الدول العربية ـ في ما عدا الكويت ـ لم تفكر لحظة بان تعرض مساعيها الحميدة لرأب الصدع، مجهول الاسباب حتى الآن، بين السعودية ومن معها وبين قطر التي تتبدى معزولة ومستوحدة لا تجد ملجأ لشكواها الا في البيت الابيض في واشنطن الذي يتبدى ساكنه المضارب وكأنه مرجعية العرب العاربة والعرب المستعربة معاً..
…مع أن الامين العام الجديد للجامعة العربية احمد ابو الغيط من رواد الصلح مع العدو الاسرائيلي، وقد زار “دولته” غير مرة، وله فيها اصدقاء اعزاء واصحاب وخلان ورفيقات انس وصبا..
لم تعد الجامعة تجمع، ولم تعد مؤسسة للم الشمل وتوحيد الكلمة..
صارت مؤسسة فارغة من المعنى والمضمون، مبناها فخم مثقل بالصور الملتقطة في الزمن الجميل، وارشيفها الغني بتاريخ التلاقي والتفاهم والمصارحة والمصالحة، يكاد يلتهمه الاهمال والنسيان، ويشهد على ماض كان فيه بصيص من الامل بان “يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا”.. على حد ما قال الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز عندما اعيد وصل ما انقطع بينه وبين القائد العربي العظيم جمال عبد الناصر..
سقطت فلسطين، سهواً، على طريق النفط والغاز الآخذة إلى واشنطن وتل ابيب..
وتفرق العرب ايدي سبأ: الفقراء منهم يموتون بصمت في قلب العوز والجوع، والاغنياء منهم يموتون من التخمة وينفقون مليارات المليارات من الدولارات على اسلحة حديثة وعظيمة الفعالية لن تستخدم الا ضد اشقائهم الفقراء، كما تشهد حرب البغي والعدوان، على اليمن، احدى عواصم الحضارة الانسانية..
…وعصر الضياع العربي مفتوح على المجهول، فبدل “القومية” الواحدة صار لكل قبيلة هويتها القومية: السعودية، القطرية، الاماراتية، البحرانية، اليمانية ـ وهي شمالية غالباً وجنوبية بحسب الطلب بالدولار ـ … أما المشرق فمهدد في كياناته السياسية من العراق إلى سوريا، وفي المغرب تبدو ليبيا ممزقة وتونس متصدعة والجزائر تعيش قلق الانقسام بين عرب وبربر والمغرب تحت عرش امير المؤمنين يواجه مشكلة فقر الرعية بينما امير المؤمنين يمد يده لرعاياه المخلصين فيقبلونها ثم ينصرفون جائعين..
والامر لله، سبحانه وتعالى، من قبل ومن بعد!
تنشر بالتزامن مع السفير العربي