حرام. والله حرام. لبنان هذا “وطن” لتعذيب اللبنانيين. الكفر به فضيلة. إنه محتل مزمن. لا يستطيع الحراك الا في الحيز المتاح. إنه مكان اقامة لعصابات تتوالد وتتكاثر وترتكب شتى انواع الزنى السياسي. على اللبنانيين الطيبين، وهم كثرة مأزومة، الا يصدقوا احداً من زعماء العصابات الحاكمة. هو كذلك. نشأ مزغولاً. نشأ منقسما. استلمته اياد ملوثة مالياً وسياسياً وثقافيا. “لبنان أن حكى”، سيفصح عن فضيحة تخفيها فضيحة أدهى.
منذ البداية، كان كذلك. سكانه مرابعون عند اقطاع او زعامة او عائلة او طائفة او… انتماؤهم البدائي يولد معهم. ورثوه من الزمن العثماني. توارثوه في الأزمنة اللاحقة. خاضوا حروبهم تحت رايات متخلفة وزعامات، من اذكى الانتهازيين. العصابات المتحكمة من زمان، توالي من يتبناها، عربيا رجعياً كان. ام اميركيا غربيا كان، ام اسرائيليا كان. هكذا كان منذ القائمقاميتين الي يوم ولادة الكيان، الذي اعطي هبة للطوائف. كما كان الاردن هبة لهاشمي آخر. كما حاولوا أن تكون سوريا هبة للدروز والسنة والعلويين. لكن الشعب السوري أفشل هذا التقسيم. يا سلطان باش الاطرش ما أعظمك. لا أحد عندنا يشبهك. لم تكون درزيا في ثورتك. كنت قوميا سوريا عربيا. وتحملت من الاستعمار الفرنسي القصف والنفي والإقصاء، واستمرت سيرتك لوحدك، وحيدة وفذة وقدوة.
الذين تحكموا في لبنان، حصلوا على ذلك بصكوك تنازل عن الوطن لمصلحة الطوائف ثم المذاهب ايضاً.
حرام… هذا الوطن لتعذيب اللبنانيين، وتجيشهم، وتسليحهم ضد عدوهم الشقيق، ثم لركوبهم بانتخابات يتم فيها التهييج المجرم.
راجعوا سجل حكام لبنان ومستنوبيه. انهم هم هم. تتغير الاسماء. تظل الطوائف السامة تخدر اتباعها. تستمر العائلات ذات الانتماءات المتشعبة والعاهرة، مرجعية اصيلة لأتباع من جماعات، جباهها تشبه نصف نعل الاحذية.
ما لنا ولهذا الماضي المومس. ماذا لو نظرنا إلى ما يجري راهنا. ظن البعض أن حكومة ما بعد 17 تشرين ستكون ملتزمة بالقليل مما رفعه نبلاء الشوارع من مئات آلاف اللبنانيين… عبث. هذه الحكومة تنتسب إلى “مكوناتها” و “مرجعياتها”، وفق ما تفرضه قوى الامر الواقع بالتمام. الحكومة نسخة (فوتوكوبي ) عن الطغمة. الاسماء غير مهمة. الخبر في خبر كان. الاستقلالية، هذا حصرم رأيته في حلب.
تفاءلنا قليلاً جداً. قلنا، فليأخذوا فرصة. سيتعلمون الجرأة. الوضع الاقتصادي الكارثي يدفعهم للإنقاذ. الجوع القادم يمنحهم جرأة الاصلاح، واستعادة ما نُهب ومعاقبة من نهب وانقاذ الليرة من الافلاس، واضاعة وذوبان ودائع اللبنانيين. إلى آخره.
فالصو. الطغمة المتحكمة هي هي. من رأسها إلى أخمص هامة فيها. الحكومة محكومة المصارف. حرة. البنك المركزي مستقل. وزارة المالية لصاحبها علي بابا والاربعين حرامي وأكثر. القضاء، تم القضاء عليه من زمان، وقيامته ممنوعة، منه ومن سواه. والاغرب، أن البرلمان لم تسقط شعرة من رأسه.
الخلاصة: الشعب اللبناني، ليس من اختصاص الطغمة المستبدة. الطغمة مهتمة كهربائيا، بصفقة. لا تنسوا سلعاتا. ولا تتناسوا 24 ساعة على 24 ساعة. مكررة ومعجلة. البرلمان مشغول بالعفو عن المرتكبين. اي لا عدالة ابداً. انقسام حول العملاء. يا حرام، هم مبعدون. انقسام لبناني مزمن.. للمرة الاخيرة. افهموا. “اسرائيل” ليست عدواً عند البعض. هي دولة جارة. تمت الاستعانة بها وكادت تقود لبنان ببشير الجميل… افهموا ذلك. الحكومة هذه، وما قبلها، كانت كذلك.
ثم، يا حرام! لماذا التمييز الفاجر. هذا العفو الذي يتسم بالعار، سبقه عفو اشد عاراً. لقد عفا مجرمو الحروب اللبنانية عن مجازرهم، وسلموهم البلد بكامله ليحكموه، كميليشيا غير مسلحة، الا عند تحز المحزوزية الطائفية. تم العفو والنسيان عن مرتكبي مجزرة صبرا وشاتيلا، كما تم العفو عن مرتكبي مجازر الدامور والشوف وعاليه و..و.. (ضع أسماء المدن والقرى الكثيرة) ثم أصدر عفو خاص عن سمير جعجع… علماً، أن العفو بهذه العقلية الانحطاطية، لا يمحو من الذاكرة أسماء القتلى والمخطوفين والمعذبين. فيا أيها اللبنانيون، لبنان الجميل هذا، يختزن في تاريخه القديم والحديث، ويكمن فيه راهنا، عنف قاتل لا يرحم. ضحايا حروب لبنان أكثر من مئة ألف. وقتلتهم المجرمون، تم العفو عنهم.
هذا البلد المعجزة، يرتكب مجزرة مالية ضد شعبه. أن لبنان بلد مفلس. حكومته، بقيادة هذه الطغمة الراهنة، هي التي نهبته وأفلسته. تعرفون ذلك ولا تحاسبون. اصطفلوا. هذه بلادكم. عيثوا فيها فساداً وافلاساً ونبذا وتهديداً. انكم تستحقون ذلك. كل طائفي في لبنان، اكان كبيراً او صغيرا، مثقفاً او امياً، يمينياً ام يساريا، قوميا ام اممياً، هو مشارك في جرائم الماضي ومشترك ضحية في جرائم الحاضر. لذلك، اقول: اصطفلوا. هذا بلدكم أنتم دمرتموه وأفلستموه، ومع ذلك تمسحون احذية زعماتكم بنعال جباهكم. ولك “تفوه”.
أما بعد. ففي لبنان مجموعات نقية، وطنية. لا طائفية. مستقلة. صاحبة قيم. مؤمنة بالديمقراطية. مدنية وعلمانية. مضحية ومتفانية. لا تساوم ولا تبيع ولا تشتري، وتسعى ليكون لبنان وطنا بانتماءات وطنية. ديموقراطي حقيقي، قادر على انقاذ البلد من موبقاته المزمنة. لبنان بانتظار الموجة الثانية من 17 تشرين. متى؟ عسى يكون ذلك قريباً ومديداً.
فضيلة هؤلاء، انهم يمتلكون يأسا من لبنان هذا.