جاءني بالأمس زائر جزائري شاب مثقف يتقن العربية، عكس غالبية الجزائريين الذين ظلوا يتحدثون الفرنسية بالأمر طوال الاحتلال الفرنسي الذي صادر لغتهم في جملة ما صادر من أرض بلادهم وما زور من تاريخهم الوطني محاولاً جعلهم فرنسيين ن الدرجة.. الثالثة.
استوقفني زائري بثقافته وسعة إطلاعه، وحضوره الذكي ومعرفته بتاريخ “السفير” وموقفها من الجزائر التي عرفتها في الأيام الأولى لاستقلالها بعد تحريرها، والتقيت أحد أبطال التحرير والرئيس الأول لجمهوريتها المستقلة أحمد بن بلة، كما عرفت في مكتبه في “فيلا جولي” العقيد هواري بومدين..
ولقد رويت له تفاصيل الرحلة الأولى ثم تفاصيل رحلتي الثانية بصحبة الأخضر الابراهيمي في الطائرة الخاصة التي وضعتها السعودية في خدمته ليأتي للمشاركة في تشييع الرئيس الشهيد رينيه معوض، الذي عرفه جيداً في مؤتمر الطائف لحل الأزمة اللبنانية (1989).
في الرحلة الأولى كان همي بعد التعرف على أبطال التحرير والرئيس الأول للجزائر الحرة أحمد بن بلة، وهكذا زرت بلدة كريم بلقاسم وأهلها من البربر واسمها تيزي أوزو.
ولقد سعد زائري جلَّة سماعين بلقائي وذكرياتي عن بلده الجزائر ولقاءاتي فيها شخصيات ماضيها، ومن ضمنهم عبد العزيز بوتفليقة الذي التقيته في بيروت، خلال الاحتفال بالمؤتمر الثاني لمؤسسة الفكر العربي، حيث ألقيت كلمة عن “الجزائر.. كما عرفتها أول مرة”، مما اضطر بوتفليقة الى الرد عليها بمنطق “كاد المريب أن يقول خذوني” وهو الوزير الأول والدائم لخارجية بومدين.
أكثر ما أفرجني هو اتقان زائري الجزائري الشاب اللغة العربية، بحيث تكاد تحسبه “مشرقياً” من بر الشام في حكيه كما اعتبرني صاحب ذلك المطعم في الجزائر العاصمة قبل ثمانية وخمسين عاماً وحدثني بلغة هي مزيج من الفرنسية والتركية والعربية.