ميشال عون، رئيس، بلا رئاسة. هجّت. سعد الحريري، رئيس، بلا حكومة. تاهت. رياض سلامه، حاكم، بلا أموال. سرقت. نواب. أرجل كراسي، لأقفية قذرة. مرجعيات، من ماسحي جباه وأحذية ملوثة.
بلد، بشعوبه كافة، بلا وطن، ومستقبله في ماضيه.
بيروت، عاصمة ضائعة، بين خراب وإنكسار ويأس.
اللعنة السياسية أصابت هذا الكيان. لن يكف قايين عن قتل هابيل.
الناس، في كل واد يهيمون.
لا مثيل أبداً لتماسيح السياسة، لبنان يتساقط، يتشلًع، يتمزق، ينهار، يفتقر، يتسول، ييأس، يلعن الساعة والزمن، يختنق، يكاد يعوي، الفراغ أمامه، القمامة السياسية خلفه، خرائب السياسة تدفعه إلى السباب… أفواه اللبنانيين لم تعد للكلام، بل للشتائم.
أمعقول ما يُقال: عون يكرر صورته بلغة تكشف إيمانه بالكوارث.
هكذا كان من قبل. قيل للبنانيين: لقد تغيّر. هذا كذب. إزداد عناداً، مدعوماً من الحاكم الفعلي، بغرور غير مسبوق. العنوان: إما نحن كما نريد أو لا. وليذهب لبنان إلى تاريخه غير المأسوف عليه.. لبنان على حافة قبره، ويتبارى عون والحريري، بكلام معروف ومشهور. المنازلة بينه وبين الحريري، لا علاقة لها بأزمة فقدان السيولة، بأزمة إزدياد اعداد الفقراء والمعدمين، بأزمة القضاء، المقضي عليه، بأزمة الاحقاد الملتهبة بين “المكونات الطائفية” المدمرة. بأزمة الدولارات المنهوبة، بأزمة مدينة مدمرة، بأزمة فقدان الإحساس والشعور بأننا نستحق وطناً.
هل تصدقون كلامهم؟ حملقوا جيداً بأقوالهم وأفعالهم. هم ليسوا وحيدين. خلف كل “زعيم” لبناني، عاهات أهلية تسمى أتباعاً وعبيداً وأجراء… فكّروا جيداً بمواقعهم. كأنهم يقيمون في غير لبنان. من يصدق أن الخلاف على الحكومة غبي ومشتبه. الخلافات حول الحصص. أي حول حصة كل فريق مما تبقى من لبنان هؤلاء، لا يتحسسون ولا يشعرون. جدول أعمالهم اليومي، يبدأ بسؤال: كم؟ وأسئلة أخرى هي أجوبة على كم. وكم، دليل على أرقام وأموال وحصص ومواقع ولصوصية… إياكم أن تصدقوا كلامهم التافه عن الإصلاح والتغيير والمحاسبة والمراقبة والعدالة ووجهة الإنتماء. هذا كلام مشعوذين شاذين عن الحد الأدنى من الأخلاق والإنتماء والسوية.
من يستمع إلى تصريحات الرؤساء والوزراء ويصدقها، إما عبد لهم، أو بريء يحتاج إلى عصفورية.
ما نفتقده، هو الغضب. هو القبضة. هو اللعنة… هؤلاء فوق الحساب. لا تأملوا أبداً. هؤلاء الشياطين، قديسو السياسة في لبنان. ليس عندنا أشد سوءاً منهم. كنا نظن انهم سيخجلون. سيكتمون خلافاتهم حفاظاً على شعرة معاوية… لا. هم في نعيم سياسي، والجحيم حصة اللبنانيين.
بماذا يفكر هؤلاء؟
الرئيس عون وفريقه يفكرون بالرئاسة القادمة. يريدونها لهم. وهذا مستحيل كامل. لذا يستأسد هذا الفريق ويستفز ويتمسك بشروط تصلح لأزمنة السلم والبحبوحة. لا. هذا غير مأمول. الطائفة المارونية بحاجة دائماً إلى إنتحاريين. لم يتعلموا في الحرب الماضية. خسروا في الحرب ويخسرون في السياسة. المعركة اذا، هي معركة مواقع، لا معركة من أجل حقوق الناس، ومن أجل العدالة، ومن اجل الوطن. الطائفة السنية تدافع عن مكتسباتها في الطائف. لا تريد التواضع: نحن ارباب التأليف الوزاري. إلى آخر البكائيات على ما ارتكبه الطائف. النواب، صفر على عشرين. هؤلاء لا يحسب لهم أي حساب. انهم ارقام في السجل الماروني وفي السجل الشيعي وفي السجل السني وفي السجل الدرزي.
هؤلاء، ليسوا نحن ابداً.
مضحك ما يتوقعونه: سيسرع العالم إلى مساعدتهم. كذب. العالم يعرف جيداً انهم أكلة خبز الايتام، ولا يتورعون عن السرقة والنهب والهدر. العالم، سيء السمعة كذلك، يبدو عفيفاً جداً عندما يقارن فساد هؤلاء بفساد مراقب ومحاسب.
العرب ليسوا في وارد مد اليد قبل تنفيذ شروط عرقوبية. لبنان، ليس عربياً فقط. فهو ايراني وقطري وسعودي و… كوكتيل. او، “سوق اوادم”.
يا الله، لماذا ابتلينا بهذه الطبقة.
طبعاً، سيجيب الله: ما خصني.
لذا، جنت على نفسها براقش.
من الآن فصاعداً، ستزداد حمى المعارك الكلامية، بين عون والحريري وباقي الآخرين. ومن الآن فصاعداً، ستتضاعف العقوبات على اللبنانيين: جوعاً وفاقة ومرضاً وقهراً وحاجة وموتاً.
ستترحمون على الكورونا اللعينة.
اللعنة على هؤلاء الذين يمشون بجنازة البلد.
وبالمناسبة، احذفوا مصطلح السياسة في أحاديثكم. ليس في البلد سياسة.
هناك بلطجة بلا خجل.