كتب نصري الصايغ:
هذا زمن ولَّى. لن يجثو الفقراء. لم يعد الشعب مومساً. قذاراتكم سترد عليكم. لغتنا غير لغتكم. لغتنا تقدست بالسفاهات ضدكم. اننا نقطر كرها لكم. اننا فخورون بفقرنا وبؤسنا. انت اشبه بشر. حثالة أنتم. جباها في الساحات ساطعة، آمالنا رهيبة. قبضاتنا سترفع عنا الظلم. نحن اقوياء جداً. اننا رجال ونساء احرار جداً، وعصاة على التطويع.
خسرتم حتى الآن، نصف المعركة، تعريتم. سمَّيناكم بأسمائكم. دللنا على مقاماتكم المتسخة بالسرقة والفتك والجبن. صرتم تخشون كلامنا وقبضاتنا ووقع اقدامنا ونبض دمائنا. لم نعد مكتومين كالجبناء. ندل على نتنكم وروائح مسيراتكم اللصوصية. لا بأس. مازلتم في مواقعكم، لكنكم خائفون. ترفعون المتاريس والجدران وتماثيل الاسمنت. لا تجرأون على الظهور على الملأ. ممنوعون من ارتياد اماكن اللهو والطعام الفخم.
نعرف جيداً مكامن قوتكم. اتباع، كانوا طيبين جداً. أفسدتموهم. اشتريتم كراماتهم بلقمة العيش. وطئتم جباههم بمذلة الحاجة. ثم، ارتكبتم بحقهم جريمة الخوف من الطوائف الأخرى. صنعتم منهم خدماً، وأودعتموهم الدولة العميقة: مدراء، قضاة، سفراء مراقبون، نفعيون. كل ادارة وكر. كل مؤسسة اوكار. كل صندوق ومجلس ملعب رهاناتكم الجشعة. تباً لكم. لا تشبعون. اكلتم دولة. ولم تتركوا منها للناس الا مذلة الفتات. هذا زمن ولَّى. لن يجثوا الفقراء. لم يعد الشعب مومساً. غداً، او بعده بقليل، سيعود لبنان للبنانيين. سننتزعه من اظافركم وحساباتكم المصرفية واموالكم القذرة. ما أفدح حضوركم. ما أجمل خروجكم، بالإكراه، من مواقعكم الملعونة.
لا تراهنوا على تعبنا، على فقرنا، على خروجنا. ستخسرون. حرابنا من نصل الكلمات. ما أحمقكم. تظنون أننا نصدقكم: نصدق وعودكم: نتن سياسي. عفن اخلاقي. وسخ مسلكي. عقم نهائي. لا. لن نصدقكم ابداً. أيها المرفهون جداً. إن حقدنا المقدس لا يرتوي الا بسقوطكم. اننا اقوياء جداً، رغم ضعفنا المزمن. لقد طلقنا ماضينا، وعقدنا عشقاً مبرماً للمستقبل. سنكون في صميم الآتي. إن لم يكن جيلنا قادراً على رفع الراية، فإن الجيل الجديد، امتشق دمه، تقدم عارياً، ولبط جدران السلطة. سقط بعضها. تفَّ على السلطة، فسقطت. لم يعد أحد يصدقها. انهم اليوم، يشاهدون كيف تسوقون لبنان إلى الهاوية. كيف تروجون لسرقة ودائع الناس، كيف تسوَّغون تشليح الفقراء رغيفهم اليومي… لا يوجد أخس منكم. انكم تدفعون هذا الشعب النبيل إلى الجوع والتسول والموت. ترى. من تكونون؟ لا شبيه لكم ابداً! فيكتور هوغو يعجز عن كتابة سيرتكم: سيرة قتلة و”ضحايا” من البؤساء. لدينا آلاف من جان فالجان.
لذا. اياكم أن تمروا بجانبنا. أنتم أجبن من أن تسيروا على اقدامكم بيننا. بيننا وبينكم عسس وجدران وبلطجية. ومع ذلك، لا نخاف. أنتم الجبناء المختبئون.
اللعنة عليكم، كل يوم، صبحاً وظهراً ومساءً، واسبوعاً بعد اسبوع، وشهراً بعد شهر وسنة بعد سنة. لقد كنا نفيض حباً وذكاءً حكمة ودقة. كنا شعباً يتطلع إلى الفجر كل صباح، بلهفة الخارج من الظلام والظلم. تباً لكم آلاف المرات. لقد منعتم عنا الضوء. صرنا نهرب منكم إلى المهاجر. دمرتم عائلاتنا. فَّرقتم الاخوة والاخوات. افرغتم القرى من محبي ترابها وشفقها. جئتم بالمكر والغش. تريدوننا في المدينة، خدماً لكم، وجنوداً في الدولة العميقة، خزان نهبكم ومهجعنا المذل.
…وتكذبون. الصحف والشاشات محشوة بأكاذيبكم. حدث هذا من زمان. والله، أنتم عباقرة التكرار. منذ مئة عام ولبنان في النفق، الذي أنتم حراسه. داخل هذا النفق كنا قطعاناً. من شَرَد تم تشريده وطرده.
قلنا لكم. هذا زمن انتهى.
ألا تصدقون ذلك؟
انتظروا قليلاً…
إذا جاع الناس اكلوكم … يـــــــا … ضع الكلمة المناسبة عوض النقاط الثلاث.