مؤكد أن الطائرة الخاصة التي حملت ثلاثة من رؤساء الحكومة السابقين في لبنان، من بيروت إلى جده، قد ناءت بحمولتها الثقيلة اذا ما استذكرنا انجازات هؤلاء الثلاثة في لبنان، اضافة إلى مطالبهم من العاصمة المذهبة فضلاً عن مطالب هذه العاصمة منهم..
هذا لا يعني أن اصحاب الدولة الثلاثة هؤلاء، والذين أعلنوا انهم لا يعرفون من دعاهم ولا سبب الدعوة، قد ذهبوا من اجل “الشرهات” الملكية، لا سمح الله، فاثنان من الثلاثة أغنى من العديد من امراء الاسرة التي اخذت بلاد النبي العربي الكريم محمد بن عبدالله ـ صلعم ـ بالسيف والتواطؤ مع الأجنبي..
كيف يذهب مسؤول سامي المقام (ولو سابقا.. ومع التمني لاحقا) في زيارة “رسمية” إلى بلاد السيف والذهب، من دون أن يعرف الداعي والمناسبة؟!
في أي حال فقد أكرم الملك سلمان عبد العزيز الذي يعتز بأن واحداً من اجداده هو “مسيلمة” الذي عُرف بالكذاب، لأنه ادعى النبوة بينما الرسول محمد بن عبدالله ينتصر بدعوته قريش وسائر العرب إلى الدين الحنيف..
أكرم الملك سلمان الوفد الثلاثي من “اصحاب الدولة” السابقين ـ اللاحقين فاستقبلهم صبيحة وصولوهم تكريما لتلبيتهم دعوته الكريمة، وتبادل معهم الاحاديث والمشاورات حول اوضاع “السنة” في لبنان، مما جعلهم يتساءلون عما اذا كان ثمة مخاطر تتهدد موقعهم في السلطة، او وجودهم ذاته، (على طريقة الموارنة الذين لا يتعبون من ترداد هذه المعزوفة واعادتها حتى تغلبت على النشيد الوطني)..
وفي انتظار أن نسمع من اصحاب الدولة، بعد عودتهم بالسلامة، اسباب هذه الدعوة الطارئة، والتي لبوها عجالى، نتمنى أن يكونوا قد عادوا بما يطمئننا على مستقبلنا في وطن الارز.. شاكرين الله، عز وجل، انهم لم يتعرضوا لمثل ما اصاب الرئيس سعد الدين رفيق الحريري (ربيب السعودية) على أيدي مضيفه سمو ولي العهد محمد بن سلمان (علما بأن بعض مرافقيه ما يزالون يخضعون للعلاج نتيجة “اكرامهم” في ضيافة صاحب السمو)..
نحن بخير.. طمنونا عنكم!
…من حديث الملك سلمان بن عبد العزيز فهمنا أن جلالته خائف من أن لبنان قد يخسر او يغير موقعه وهويته العربية ودوره في خدمة أمته..
ولم نفهم او نعرف كيف يغيِّر لبنان هذه الهوية التي ليست طارئة ولا هي مستأجرة كما انها لا تتصل بالسلطة..
ثم أن لبنان الذي هو جمهورية مستقلة وله علاقات متوازنة إلى حد كبير مع دول الشرق والغرب، ومع الدول العربية جميعاً، وبغض النظر عن طبيعة انظمتها: جمهورية او ملكية او سلطانية او اميرية، طالما انها جميعاً لا تتمتع باستقلال حقيقي ولا هي تملك حرية التصرف بمواردها التي اعطتها الطبيعة (النفط والغاز..)
لماذا الخوف على هوية لبنان، يا صاحب الجلالة؟
وهل ان ضيوفك الثلاثة من اصحاب الدولة السابقين يشكلون الضمانة لعدم تغيير الهوية.. لا سيما وان بينهم رئيس الحكومة التي واجهت حرب تموز 2006 بالتردد في النزول من مكتبه في السراي لاستقبال وزيرة خارجية الولايات المتحدة الاميركية كونداليزا رايس، التي جاءت للاطمئنان إلى هزيمتنا، فلما فوجئت بانتصارنا، كانت المفاجأة أعظم.. فكيف اذن لا ينزل رئيس الحكومة المختبئ في الملجأ لاستقبالها.. وهكذا رفضت هي الترجل من السيارة حتى نزل وتقدم ليقبلها فور نزولها قبل أن يصحبها إلى مكتبه في السراي في ظل هدنة تكرمت بها قوات الحرب الإسرائيلية لإتمام هذا اللقاء “التاريخي” بسلام.
في أي حال: نحن بخير، يا صاحب الجلالة .. فطمئنونا عنكم!