كانت جزيرة البحرين “مشيخة” فقيرة يعتاش اهلها من موقعها كمحطة في قلب الخليج العربي، تتوسطه فتربط بين سائر مشيخاته الفقيرة مثلها وكل من السعودية، مملكة آل سعود، وامبراطورية الشاه في إيران..
على أن اهل البحرين كانوا السباقين إلى العلم والثقافة، وكانت فيها نخبة من الكتاب وأهل الرأي تتجه بقلوبها وعقولها إلى القاهرة، من دون أن تُلغي بغداد او طهران أو دلهي دمشق.
كذلك فان اهل البحرين، وقد نالوا نصيباً من العلم كانوا السباقين إلى العمل السياسي، فانتموا إلى الاحزاب، قومية وتقدمية، وشكلوا طليعة في تلك المنطقة التي كانت غارقة في رمال جهلها، قبل اكتشاف النفط في اقطارها (الكويت، بداية ، ثم دولة الامارات التي ابتدعت في اوائل السبعينات، بفضل النفط، ومن اجل تحصينها الخليج العربي في وجه ايران) ثم اكتملت صورة البحرين كالأخ الفقير بعد اكتشاف الغاز امام سواحل قطر، بالشراكة مع ايران.
على أن موقع البحرين الاستراتيجي قد أغرى الاميركيين، بعد البريطانيين، باتخاذها قاعدة لأسطولهم السادس (او السابع، لا فرق)… لا سيما بعد أن توفي شيخها عيسى آل خليفة الطيب والفقير وتولى الحكم بعده ابنه حمد بن عيسى آل خليفة الذي لم يكتف بلقب الامير، بل جعل نفسه ملكا في 14 فبراير عام 2002 وان بقي “الرجل القوي” الذي لا يشيخ الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيساً لمجلس الوزراء.
ومع تولي الشيخ حمد بن عيسى الحكم، نصب نفسه ملكاً، وانتهج سلوك الدكتاتور، مستنداً إلى السعودية، فضلاً عن القواعد العسكرية الاجنبية في البحرين التي تحتل موقعاً ممتازاً في الخليج يربط ويفصل بين سائر الممالك والامارات والمشيخات في الخليج.. فضلا عن ايران.
ثم باشر “الملك” حكمه باعتقال الشباب على الشبهة، لا فرق بين “بعثي” وشيوعي” و”قومي عربي” و”وطني” يطالب بحق التنفس والكلام عن الطقس، مثلاً.
وأذكر انني زرت البحرين، اول مرة، مع صدور جريدة “الوسط” البحرينية في العام 2002 لحضور المؤتمر القومي الذي انعقد فيها. وكانت السلطة قد اخرجت عشرات المعتقلين، وبعضهم كان قد سُجن لمدة تزيد على 15 سنة.. ولذلك كان الحوار معهم اشبه بحوار مع أهل الكهف:
ففي معتقلاتهم لم يسمعوا بسقوط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي، ولا باقتراف السادات جريمة زيارة دولة العدو الاسرائيلي ومؤتمر الصلح في كمب ديفيد الخ..
ولقد عرفنا في “السفير” المناضل نبيل رجب، عن قرب، ورأينا فيه أيقونة نضال الشعب العربي في البحرين، مقاتلاً ضد الدكتاتورية والظلم الملكي وضد مشروع الفتنة بين السنة والشيعة في البحرين، وضد التمييز بين البحرينيين والبحرانيين وتحريك الحساسيات الطائفية او القومية.
كذلك فقد كتب هذا المناضل المثقف في “السفير” مقالات عدة داعياً إلى الوحدة الوطنية وضرورة تطوير النظام باعتماد “الديمقراطية” بديلاً من تقليد الممالك في جزيرة صغيرة وفقيرة تعتاش على “الشرهات” السعودية، وخدمة الاساطيل الاجنبية..
هنا نبذة عن حياة هذا المجاهد الذي أمضى في السجن نحو ثلث عمره، والذي يمكن اعتباره مشعلاً مضيئاً، لا تتعبه المعتقلات او السجون، ولا يتنازل عن قضايا شعبه وأمته.. والذي كنا، نحن اهل “السفير” نقدره ونحترم نضاله ونعتبره نموذجاً فذا للمؤهلين على بناء الغد العربي الافضل.
ولقد صدر أخيراً (21 شباط 2018)، وبعد طول تأجيل، الحكم على نبيل رجب، المناضل البحريني، بالسجن لمدة 6 سنوات بسبب تغريدات علق فيها على الحكم في البحرين وعلى حرب اليمن.
قام ابنه ادم بنشر تسجيل صوتي له من السجن يغني فيه لابنته ملاك لأنها غضبت بعد صدور الحكم وكانت قد حضرت إلى المحكمة، وعرفت أن الوالد نبيل رجب سوف يبقى في السجن 6 سنوات قادمة، فاتصل من السجن للتو وكانت له طريقته في التخفيف عليها عبر هذا المقطع. هكذا هو الوالد لا يُهزم ولا يتعب.
تقول كلمات اغنية ليله للفنان عبد الرب ادريس:
ليلة لو بعد ليلة
بعمرى أبيه الليلة
أسهر فى ليل عيونه
هى ليلة عمر
ليلة لو بعد ليلة
بعمرى ابيه الليلة
واسهر بليل عيونه
هى ليلة عمر هى ليلة عمر
يالله يالله
يالله يالله
وش كتر انتى جميلة
يالله يالله
يالله يالله
وش كتر انا أحب انا احب
احلم احلم بك دايم
جنبى وانا صاحى ونايم
ياللى ايامى بدونك
ماهى من العمر
ليلة لوبعد ليلة
فى عمرى ابيه الليلة
واسهر بليل عيونك
هى ليلة عمر
صوتك همسك بيتى وسفرى .
قمرى وشمسك ليلى وفجرى
وانتى عيونى انت قلبى
انا وين ما كنتى ياللى سواد عيونك افديه العمر .
يالله يالله
يالله وش كتر انتى جميلة
يالله وش كتر انا احب انا احب
ليلة لو بعد ليلة
بعمرى ابيه الليلة
واسهر بنور عيونه
هى ليلة عمر
هى ليلة عمر