للبعلبكي في عين الدولة المجيدة والمجتمع الراقي الذي لا يعرف القتل او التهريب او المخدرات حشيشة كيف او كوكايين او الحبوب البيضاء (الكبتاغون).
لهذا البعلبكي صورة نموذجية لا تتبدل مع الايام وتغير الاحول: انه مشروع قاتل (او قتيل)، وهو زارع الحشيشة وبائعها إلى ضحاياها المساكين، وهو مخالف القانون (كل قانون وأي قانون).. ثم انه مهرب السلاح وسائر الممنوعات في بلد شعبه مجاميع من الابرياء المطهرين..
تختفي الصفات التي طالما اشتهر بها البعلبكي وعرَّفت به: الشهامة، ونجدة الضعيف، واكرام الضيف حتى وهو جائع، والذود عن العرض والاخلاق عموماً بالدم،
غلبت صورة قاطع الطريق، خاطف الابرياء مقابل فدية، مخالف القانون، أي قانون وكل قانون، غاصب حقوق الاخرين، الخارج على الاصول والاعراف التي تربى عليها..
طيب. هذا عن ذلك المخلوق المختلف عن الشعب اللبناني الممتاز والمميز بالخلق الرفيع والشهامة، ورفض الرشوة، والاعتماد على الكفاءة من دون وساطة او شفاعة مذهبة..
فماذا عن دولته وسلطاتها التشريعية والتنفيذية، العسكرية والامنية، الاقتصادية والاجتماعية.. وماذا عن القضاء وعلاقته به وطريقة تعامله معه؟!
ماذا عن الاهمال الابدي، والمشاريع التنموية التي يباشر بتنفيذها ثم تتوقف من دون سبب مفهوم.. ماذا عن المدارس الرسمية الخربة، عن المستشفيات المنسية،
ثم ماذا عن الافراج عن المطلوبين مقابل الرشوة، او بشفاعة بعض كبار المسؤولين، والذي ترافقه عراضة مسلحة يشارك فيها امنيون وبعض القضاة احيانا، ووزراء ونواب..
ماذا عن أن يقوم رئيس جمهورية سابق بزيارة معلنة باللافتات لاحد أكبر المهربين والمزورين، بحراسة رسمية؟!
ماذا عن أن تكون الوظيفة، مدنية او عسكرية بالثمن، وهي على “البعلبكي” أصعب وأعظم كلفة؟!
وماذا عن شركاء تجار الحشيشة والمهربين والخاطفين، من الموظفين الرسميين، فضلاً عن الزعماء والوزراء والنواب، وبعض كبار الضباط، وبعض القضاة، وبعض ضباط الامن بمختلف فروعه؟!
أن كبار المهربين وتجار المخدرات اسخياء بمال لم يتعبوا في تحصيله.. ومن المألوف أن تجد إلى مآدبهم وحفلات التكريم رجال دولة، وزراء ونواباً، قضاة وضباطاً كباراً ومعظم القيادات المعنية في المحافظة.
في هذه الحالة للقاتل من يحميه، وللمرتكب من يبرئه، ولتاجر المخدرات شريك “رسمي” نافذ يقاسمه الغلة..
ثم أن اسطوانة “المطلوبين” باتت مشروخة وغير قابلة للتصديق: فثمة من يبلغ المطلوبين بالمداهمة فور انطلاق رجال الامن بطلبهم، ولهم من يسهل لهم امورهم إذا ما تم القبض عليهم ومن يدافع عنهم طالباً لهم البراءة.
فلتحاكم الدولة ذاتها اولاً.
فلتكن الدولة دولة،
ولتكن الدولة لجميع مواطنيها،
ولتكن اجهزتها امينة ومحصنة ضد مواقع النفوذ وضد المحسوبية والطائفية والرشوة،
لتكن الدولة دولة القانون والتنمية والعدل والمساواة بين مواطنيها،
… وفي عهد فؤاد شهاب صارت “بلاد بعلبك” جزءاً من الدولة، وصار اهلها “مواطنين”، وحل “دوار الشمس” محل “الحشيشة”، ووصلت الطرق والكهرباء والمياه إلى مجاهل بعلبك ـ الهرمل،
ثم خربت الدولة فخربت مؤسساتها، التشريعية والسياسية والامنية، واستبيحت مقدراتها للنافذين..
كيف يحقق العدل من وصل إلى موقعه بالرشوة او بالتبعية؟
وكيف ينفذ القانون من نال الترقيات من خارج القانون؟
في بلد كان نصف مسؤولية من المطلوبين للقضاء، كيف ستحقق العدالة وكل شيء بالثمن؟
لتحضر الدولة، وليكن الحكم شرعيا وشعبيا، يعامل المناطق جميعاً باعتبارها بعض ارضه وأهلها جميعاً باعتبارهم بعض شعبه..
لتحضر الدولة فتعود بعلبك عاصمة للشعر والابداع رسماً وغناء ورقصاً ودبكة يشمخ فيها اهل الحلبة تمثيلاً بابي يحيى الذي لا يغيب..