…وكيف تكون انتخابات في المستنقع الطائفي؟
أين حرية الاختيار والقيد الطائفي يقيدك ويحرمك من “المواطنة” منذ الولادة وحتى الوفاة؟
انت ناخب بطائفتك، والمرشح بطائفته، ومقاعد المجلس النيابي، وهو ـ نظرياً بيت الديمقراطية ـ مقسمة وموزعة بالعدل والقسطاس بين الطوائف والمذاهب.
*****
لا وجود للمواطن. لا وجود للمؤسسة الديمقراطية الاساس، المسماة مجلس النواب. الطائفية تلغي المواطن وحق الاختيار، وتلغي المؤسسة التي تستولدها الطائفية، وتلغي معها مجلس الوزراء المشكل على قاعدة “حقوق ” الطوائف.
*****
لا مواطن في وطن الأرز. هنا فقط قطعان من الطوائف، ولكل قطيع راع او ربما اثنان، وفي أحسن الاحوال ثلاثة، يتنافسون بين بعضهم، وقد يبيعون بالثمن، وقد يشترون بالثمن، ورجال الدين حاضرون لتسعير الخلاف كما لمباركة الاتفاق الذي يفترض أن يحفظ لكل طائفة”حقوقها” في كعكة الديمقراطية.
*****
لا دولة في وطن الأرز. بل هناك ائتلافات متعارضة من الدوقيات والامارات والقائمقاميات والمتصرفيات الطائفية والمذهبية.. وكل منها مسورة ببعض فصول التاريخ، الدموية، في الغالب الاعم..
*****
الشعب طوائف ومذاهب قابلة أعدادها دائماً للزيارة مع كل نكبة تصيب قطراً من أقطار هذا الوطن العربي الجاري تشليعه وتقسيمة وتفتيته امارات ومتصرفيات ودوقيات لطوائف الاكثريات، أما الاقليات الشاهدة على التاريخ وضحيته العظمى فيقتل رجالها وتُسبى نساؤها ويجند “الدواعش” ـ وهم كثر!! ـ اطفالها ويدربونهم على القتل!
ومن أسف فان لبنان الذي لم ينجح في أن يكون وطنا قد غدا نموذجا فذاً للسيادة والاستقلال والعزة والكرامة والسياحة والاصطياف وبيوت اللذة والهجانة وما يشتهيه السياح والمصطافون والعابرون إلى .. الصحراء!..
*****
في بلاد الناس الانتخاب خيار بين المبادئ والعقائد والافكار التي صنعت الصفحات المضيئة في التاريخ الانساني..
في بلاد الناس خيار بين حسن وأحسن، بين قريب منك بالفكر وغريب عنك إلى حد الخصومة الفكرية التي تستولد الاحزاب وحركات التغيير على قاعدة المبادئ والافكار المبشرة بالغد الافضل.
أما عندنا فأنت عبد طائفتك وعبد زعيمها..او زعمائها المقتتلين على السلطة.
*****
مع كل دورة انتخابية ـ نيابية تدور بنا الارض دورة كاملة، فتدفعنا إلى تحت..
ها هم المرشحون يباشرون جولاتهم الآن فيتنافسون في التحريض الطائفي والمذهبي باعتباره الاقصر الى.. النيابة!
كل مرشح يكاد يقول لقبيلته او طائفته او مذهبه: انتخبوني حتى لا تفوز علينا الطائفة المخاصمة فتكون اعظم نفوذاً وتحصل على حصة اكبر من غنيمة الحكم، رئاسات ووزارات بعد النيابات..
*****
هذه ليست دعوة للاستسلام، ولكنه نداء لرفع الصوت بالاعتراض على النظام كله، وليس فقط على قانون الانتخاب وبدعة الصوت التفضيلي الذي يثبت الطائفية ولا يمهد لإلغائها.. فمن يعطي صوته التفضيلي هذا لمن يطالب بإلغاء القيد الطائفي والقانون الطائفي والنظام الطائفي الذي يحرسه الطوائفيون من مختلف الطوائف والمذاهب.. بمن فيهم الاقباط المستقدمون من مصر والكلدان المستقدمون من العراق والمغتربون المستقدمون بطوائفهم من المهاجر القريبة والبعيدة..