لم ييأس كلوفيس مقصود، بعد، ولم يُلق السلاح.
يقول لك مبتسماً بسخرية مرة: الكل يسميني الآن ”الديناصور”، ويقولون إن زماننا قد مضى وانقضى، واننا نجافي عصرنا ومنطقه ونتحدث لغة منقرضة لم يعد يفهمها أحد اليوم..
ويقول لك بنبرة الواثق من صدق تاريخه الذي عاشه بتفاصيله: ببساطة مطلقة يشطبون أعمارنا. إنهم يحمِّلون حقبة الخمسينيات والستينيات (وحتى بداية السبعينيات)، أي مرحلة النهوض القومي والمد الثوري بقيادة جمال عبد الناصر، المسؤولية عن الهزيمة المستمرة والمتفاقمة التي تكاد تنتهي بنا إلى إنكار أسمائنا وهويتنا الأصلية.
وبرغم تعب السنين الطوال التي أمضاها هذا الآتي من الشويفات إلى جامعة الدول العربية ليمثلها في الهند بداية، ثم في أقطار أخرى كثيرة آخرها الولايات المتحدة الأميركية (واشنطن) والأمم المتحدة (نيويورك) فإن كلوفيس مقصود لا ينوي ولا يعرف كيف يتقاعد.
لقد ترك الجامعة العربية، لكنه لم يترك ”الفكرة العربية” و”القضية العربية” و”العمل العربي” وما زال مصراً على الاحتراق في أتون السياسة العربية التي باتت سياسات ”متحاقدة”، متناقضة حتى وهي متواطئة في ما بينها على المصالح العليا للأمة.
من ”الجامعة العربية” الى ”الجامعة الأميركية” في واشنطن حيث سعى، مستثمراً صداقاته القديمة وشبكة علاقاته الواسعة جداً، الى تأسيس ”معهد الجنوب”،
و”الجنوب” هنا اسم حركي لكل ما عمل له كلوفيس مقصود طيلة حياته: ”فالجنوب” يشمل بطبيعة الحال الوطن العربي ومعه كل العالم الثالث أو النامي أو المتخلف والمهدّد الآن بالشطب، اللهم إلا كسوق استهلاكي للبضائع والمنتجات الأميركية أو ذات الرساميل الأميركية في الشركات متعددة الجنسية والمنتشرة في أربع أطراف المعمورة، وفي اليابان وجنوب شرقي آسيا على وجه الخصوص.
في الماضي الجميل، ورداً على تشنيعات منح الصلح اليومية، اشتق كلوفيس مقصود من اسمه فعل ”كلفس” وأطلقه فعمّمه حتى صار معتمداً في مختلف اللغات الحية. وكان الاشتقاق في محله، لأن كلوفيس يحمل كلماته أكثر مما تحمل من المعنى، أو أنه يسيء اختيار اللفظة المناسبة للمعنى المقصود، إضافة الى ان كتابته بالانكليزية كانت أعظم وضوحاً من مشافهته بالعربية.
اليوم ”تكلفس” الوضع العربي بحيث باتت لغة كلوفيس مقصود أوضح مما يجب،
وكلوفيس ما زال يقاتل بغير تعب من أجل غد عربي أفضل، ومن قلب أخطر عاصمة ”إسرائيلية”، غدت محجة للقادة العرب: واشنطن.
بين مزايا ”المضاد لليأس” كلوفيس مقصود انه ”لا يقطع” مع أحد، بالغة ما بلغت وجوه الاختلاف من الحدة معه، وأنه يستطيع اختراع نقاط التلاقي وتدوير الزوايا أو تنظيم الاختلاف لتحاشي القطيعة.
هل حان وقت العودة؟؛
تسأل كلوفيس أو يسألك، لا فرق، لأن الجواب سيكون الصمت ومحاولة اختراع موضوع جديد تسهل ”كلفسته” تفادياً لإحراج الديناصورات المتبقية في الدنيا العربية، والتي ما تزال ترى أنها مؤهلة لتقديم صورة عن المستقبل أكثر من مجموع ”التحديثيين” المعاصرين!