في مصادفة جمعتني بطلاب في بعض الجامعات اللبنانية، وطنية واجنبية، اكتشفت انهم لا يعرفون الحد الادنى من المعلومات عن تاريخ بلادهم، بدءاً بلبنان وانتهاء باليمن.. والمغرب، فضلاً عن سوريا والعراق ومصر.
وعبر النقاش تبين أن المسؤولية عن هذا الواقع المؤسف لا تنحصر بالمدارس (رسمية وخاصة) ولا بالجامعات فحسب، بل هي تنبع من البيوت، حيث يعتمد الاهل على المدارس في تنشئة اولادهم حسب برامجها، فيتقبلون النتائج ويسلمون بهذا الجهل الفاضح بالهوية وعلاقتها بالتاريخ والجغرافيا، قبل الكومبيوتر وبعده.
لا يمكن أن تجد فرنسياً يجهل تاريخ فرنسا وابطالها بملوكها المصلحين والفاسدين ونابليون وحروبه، سواء التي انتصر فيها او تلك التي اعقبتها فخسر فيها كل شيء، حتى حياته.. وكذلك لا يمكن أن تجد بريطانيا لا يعرف تاريخ بلاده وإمبراطورتيها التي لم تكن تغيب عنها الشمس، او الواقع الحالي حيث “تعاقب” اوروبا بريطانيا “بطردها” من مشروعها الوحدوي، وتهدد ايرلندا بالانفصال، وتعيش إسكتلندا واقعها التقسيمي..
أما الروس فقد أعادوا الاعتبار إلى القياصرة (الظالمين)، كما إلى لينين وستالين وخروتشوف وسائر بناة الاتحاد السوفياتي، من دون أن يكون ذلك على حساب الهوية والغد الافضل كما يقودهم اليه بوتين.
التاريخ سياق متصل، لا يقطعه دكتاتور بقفزة في المجهول، ولا تطمسه مغامرة انقلابية وابتداع هوية لم يعرفها التاريخ البشري.
التاريخ بأهله. والجغرافيا بأهلها. فاذا ما انكر البعض تاريخهم وابتدعوا لأنفسهم غيره، اسقطه التاريخ الحقيقي من حسابه.. أما الجغرافيا فإنها امانة عند اهل الارض: يحفظونها او يتوهون عنها فتبقى ويسقطون منها.