لم يعد استشهاد المواطن الفلسطيني برصاص الاغتيال الإسرائيلي خبراً يستوقف اهتمام أهله العرب، أو يثير انتباه الخارج، فهو مثل الخبز اليومي. فقط إذا لم يستشهد أحد في ذلك اليوم ينتبه الناس إلى أن ثمة خللاً في القانون الطبيعي لاعتداءات العدو وشروط المقاومة.
والاستشهاد معركة حقيقية يخوضها مجاهدو فلسطين على مدار الساعة: يواجهون جيش الاحتلال الإسرائيلي بإرادتهم، بالعصي، بالحجارة، فإذا ما تيسرت السكاكين كان ذلك خبراً مفرحاً، أما إذا توفرت المسدسات أو احدى البنادق كانت البشرى ناشرة البهجة.
ولقد خاض أحمد جرار المواجهة مع جيش الاحتلال، متنقلاً من مكان إلى آخر مع تغطية حركته بالرصاص.. وتكاثر جنود المحتل وانتشروا فوق السطوح وعلى الطرقات، وكمنوا عند المنعطفات وبنادقهم تزخ الرصاص.
وكان أحمد وحيداً.. لكنه سرعان ما تكاثر إذ أنجده أهله وإخوانه وحاولوا تشتيت جنود العدو.
وبعد مواجهة امتدت لوقت طويل، بين بيوت البلدة، تمكن جنود الاحتلال من إصابة أحمد جرار برصاصات عدة أدت إلى استشهاده.
سقط جرار بطلاً في مواجهة غير متكافئة مع كتيبة من جيش العدو.. وحفرت دماؤه اسمه، مع رفاقه الشهداء على جبين فلسطين التي تظل المقصد والمبتغى طريقها التحرير ومفتاحها الشهادة..