ليس من مدينة يعرفها الناس، في الشرق والغرب، عند العرب كما عند الفرنجة، مثل مدينة القدس..
وليس من مدينة يتبرك الناس بسيرتها ومواقع القداسة فيها التي تجمع بين اتباع الاديان السماوية، اليهودية والمسيحية والاسلام، كما مدينة القدس..
لكل نبي فيها مقام ومعراجه إلى السماء، موسى الذي لم يكن يُحسن النطق ويستعين بأخيه هارون وينقش الوصايا السماوية على الحجارة، والسيد المسيح الذي كان يبشر بين كثرة من الكفار فلا يستجيب لدعوته الا قلة من المؤمنين… أما النبي العربي محمد بن عبد الله، فقد طُورد وأهين وهوجم وعُذب اصحابه حتى اضطر ـ بعد حروب ـ إلى الهجرة من مكة إلى المدينة لنشر كلمة الله، قبل أن يتمكن من العودة منتصراً ليفتح مكة وينشر دين الله الحق بين الكفرة من اهل قريش ومن والاهم.
ومع أن النبي العربي لم يزر القدس، ولم يتجول بين اماكن القداسة فيها، فقد أسرى به ربه من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي “باركنا حوله” في رحلة فوق البراق، ليشرفه بالتجوال بين المقدسات الجامعة والمباركة لدى اتباع الاديان السماوية الثلاثة.
وبالتالي فان الدعوة لتحرير القدس، وسائر فلسطين المباركة لدى المؤمنين بالرسالات السماوية جميعاً، ليست دعوة عنصرية، ولا هي دعوة مذهبية، انها دعوة لتحرير ارض القداسة من العصابات الصهيونية التي احتلتها من ضمن خطة استعمارية لإعادة احتلال هذه البلاد واعادة استعمار اهلها الذين قاتلوا ـ بأكثريتهم الاسلامية ـ للتحرر وتحرير ارضهم من الاستعمار العثماني ثم الاستعمار الغربي الذي “ورثه” بقوة السلاح.
تحرير فلسطين هو تحرير للأرض التي يقدسها العالم بأسره، والتي حماها اهلها العرب، على امتداد التاريخ، ارضاً مباركة للمؤمنين جميعاً، الذين عاشوا فيها دهوراً طويلة، يهوداً ومسيحيين ومسلمين، قبل أن يبتدع الاستعمار الصهيونية كأحدث صيغة للإمبريالية المعادية للأديان جميعاً.
ولسوف تنتصر فلسطين، مجدداً، بأهلها وتكون لأهلها ومعهم سائر المؤمنين في العالم.