ها هو شهر مناقشة موازنة العام الذي يقترب الآن من منتصفه يوشك على الانتهاء بعد معارك تناثرت خلالها الأرقام عشوائياً، وانكشفت فيها الدولة ـ المزرعة بحكومتها الثلاثينية التي تم تركيبها بعد صبر جميل وزمن قياسي.. مع أن لا جديد فيها ولا ابداع يستحق كل هذا الانتظار، اللهم إلا وجوه بعض وزراء “القوات”.
ناقش الوزراء، وكلهم خبير محلف في المال والاقتصاد والرياضيات، الموازنة التي رأوها مترهلة ومنفوخة بأكثر مما تحتمل حرارة نهايات شهر أيار.. وعدلوا ثم عدلوا التعديلات، وعادوا الى النقاش حتى ضربوا الرقم القياسي في الثرثرة الرقمية!
كان وزير المال يحذف وسائر الوزراء يضيفون، والخزينة العامة تئن من تحميلها فوق ما تطيق، مع وعي الجميع بأن ذلك قد يتسبب بهبوط سعر الليرة وصعود اضافي للدولار، وبالتالي إرهاق “المكلف” اللبناني الذي، على شطارته، لا يعرف كيف يوازن انفاقه المفتوح مع دخله الشرعي المحدود.
على أية حال، فهذه ليست أول موازنة عشوائية في هذا البلد الذي يستعصي على أن يكون دولة كسائر الدول التي تعيش أحوالها الفعلية، فلا تتصرف حكومتها على طريقة “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”، مستدعية القروض الدولية ومؤتمرات “سيدر” و”الشرهات” الملكية والقروض الأميرية التي باتت، هذه الأيام، أصعب مما كانت في أي يوم..
هكذا يظهر للعالم كله ان دولتنا ليست دولة طبيعية، وان حكومتنا تركيبات عجيبة بين مختلفين (وسيبقون مختلفين وان جمعهم مجلس الوزراء)، ولسوف يواجهون غداً مجلس النواب الذي لا تختلف تركيبته عن تركيبتهم: حكومتهم بمجموعة رؤوس وآراء متباينة حسب مصالحهم وأصولهم الحزبية أو بمعنى اوضح: الطائفية.. وكذلك المجلس!
شكراً للملك سلمان الذي أمر بإنهاء مناقشة الموازنة حتى يتمكن رئيس حكومتنا من حضور القمة التي دعا اليها في مكة المكرمة، والتي لا يستطيع رئيس الجمهورية ولا وزير الخارجية أن يشارك فيها لأنهما مسيحيان.
دقي يا مزيكة للوحدة الوطنية والتوحد في الإيمان!