ما بين تمثالي بطلي استقلال الدولة، أولهما رئيس الجمهورية الذي خلع بعد خمس سنوات من تجديد ولايته بالزور والتزوير (انتخابات 1947 الشهيرة)،
أما الثاني فهو رئيس معظم الحكومات في عهد بشارة الخوري، والذي اغتيل خلال زيارة خاصة لعمان، بعد أقل من ثلاث سنوات على إعدام زعيم الحزب السوري القومي بزعامة انطون سعادة، الذي سلمه الزعيم حسني الزعيم “بطل أول انقلاب عسكري في سوريا” الى الحكومة في لبنان لإعدامه قبل صياح الديك… وكانت تلك علامة فارقة في تاريخ العلاقات اللبنانية ـ السورية.. في حين ان ما أخفاه الحكم الظالم بعد التسليم ـ الخيانة قد (تبين في ما بعد فظهر ان بين أسبابه المباشرة الترخيص لشركة نفط العراق البريطانية بمد أنابيب النفط الى المصفاة التي أقيمت على عجل، قرب طرابلس، ليمكن تصدير النفط العراقي منها الى أوروبا..).
ما بين هذين التمثالين كان يتلاقى المتظاهرون الغاضبون المغتصبة حقوقهم، ويرفعون أصواتهم بمطالبهم، فيضيع صداها في الأفق المفتوح على مداه، وان كانت ساحة رياض الصلح تتسع لجمهورهم ثم ان أصواتهم الغاضبة قد تصل الى السراي الحكومي كما الى المجلس النيابي..
أحياناً كان المتظاهرون، المدنيون غالباً، والعسكريون مع المدنيين في الفترة الأخيرة يتعرضون للضرب، فضلاً عن رشهم بالمياه الساخنة (لتنظيف مطالبهم!).
المأساة ان المتظاهرين سرعان ما يتفرقون (بالتعب) أو يفرقون بعصي رجال الشرطة وقبضاتهم.. بعد أن ينالوا حماماً بارداً.
المتظاهرون يعتبرون أنفسهم مواطنين في دولة..
لكن أهل الدولة لا يعترفون بحق الناس في التظاهر، حتى في القرن الحادي والعشرين، ثم ان أهل الدولة الذين يتقاضون مرتبات عالية وبدلات تمثيل وبدلات سفر (عدا الهدايا وشوفة الخاطر ومشي لي حتى مشيلك)، يكرهون “الازدحام” في الشوارع الرئيسة الذي قد يعطلهم ويؤخر في تحقيقهم مطالب الناس.
إذا لبت الحكومة مطالب المتظاهرين، الذين يتكاثرون اسبوعاً بعد آخر، فماذا يبقى من المال العام للنهب المنظم، مباشرة أو بالواسطة،
وهل يريد المضربون والمعتصمون ان يعود أهل الحكم الى سلوك المرحوم خالد شهاب، الذي لم تكن عنده سيارة، وكان يصل الى مكتبه راكباً الترامواي..
رحم الله الترامواي وركابه..