بينما ينهش الفقر “الجمهوريات” في الوطن العربي وبعض الممالك (المغرب) مثلاً فإن الغنى الفائض عن الحاجة في الإمارات والمشيخات (فضلاً عن المملكة العربية السعودية) يزيغ عيون الحكَّام ويجعلهم أباطرة يرون أن من حقهم أن يخرقوا الأصول وأن يتجاوزوا بمواقفهم وتصرفاتهم دماء الشهداء.. فيحللوا الحرام ويصالحوا العدو، المحتل والغاصب قاتل مئات الآلاف من شهداء الأمة الذين بذلوا دماءهم رخيصة من أجل الحرية والاستقلال وإقامة الدول الحرة، من أجل مستقبل أفضل للأمة في مختلف أقطار الوطن العربي.
لقد دفع الرئيس أنور السادات حياته جزاء تفريطه بحق مصر ومعها الأمة جميعاً في أرضها وكرامتها وحريتها، حين قصد إلى تل ابيب ووقف أمام الكنيست بحقوق الشهداء الذين سقطوا في أرض العديد من البلاد العربية وهم يقاومون هذا الاجتياح الصهيوني لأراضيهم، ومعها الكرامة والشرف وقدسية الأرض.
كذلك فإن هذه “الدولة” المعتدية والغاصبة قد قاتلت وقتلت الآلاف المؤلفة من الفلسطينيين والمصريين والسوريين واللبنانيين وطلائع المتطوعين من أجل تحرير فلسطين وصد العدوان الاسرائيلي ولو بدمائهم وما يملكون.
وبطبيعة الحال فقد تعاظمت قوة إسرائيل، بعد خروج مصر ثم الأردن من ساحة المواجهة مع مشروعها الاستيطاني الإمبريالي المعزز بالدعم الأميركي المفتوح وكذلك بالتواطؤ الروسي منذ اعتراف الأمم المتحدة بإسرائيل وقبولها كعضو فيها وحتى اليوم، مروراً بعدم إدانة الإتحاد السوفياتي ثم روسيا الإعتداءات الإسرائيلية المفتوحة على سوريا ولبنان وقضمها التدريجي لما تبقى للشعب الفلسطيني من أرضه التي كانت على مر التاريخ أرضه.. ها هي قوات الإحتلال الإسرائيلي تتوغل قدماً في الأرض الفلسطينية، وتحتفظ بالأرض السورية التي احتلتها في الحرب (الجولان)، وكذلك بمزارع شبعا في الجنوب اللبناني المحاذي للأرض الفلسطينية.
*****
..ها هي دولة العدو الإسرائيلي تتباهى بلسان رئيس حكومتها نتنياهو العائد من واشنطن وفي يديه رأسا دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين (وعديد سكانهما معاً لا يتجاوز المليونين).
..وها هو عبدالله بن زايد، الذي كان يعبّر عن شكره لربه على ما منح بلاده من ثروة تفوق ما كان يحلم بها أهلها، يتقدم لمصافحة السفاح نتنياهو ماشياً على جثث الشهداء العرب داخل فلسطين وعلى الطريق إليها… ووزير خارجية البحرين التي نصب شيخها نفسه ملكاً على هذه الجزيرة الفقيرة في قلب الخليج العربي والتي كان شعبها طليعة نضالية في الأمة العربية “فأدبه” شيخ البحرين بأن سجن مئات الشباب المناضلين من أجل الحرية والوحدة وتحرير فلسطين، متجاوزين مخاطر الفتنة بين السنة والشيعة منالها بصدق الوطنية وشرف العروبة.
.. ولقد فضح نتنياهو الشيخ الذي جاء يوقع نيابة عن أخيه الشيخ محمد بن زايد صك الإستسلام والإعتراف بدولة العدو، حين أعلن أنه قد زار دولة النفط – دولة الشيخ زايد، من قبل، وإن من دون إعلان .. وأنه “يرحب” بالجميع في دولته التي أقامها بالسيف والخيانة على أرض فلسطين!
*****
لن تُمحى فلسطين، أم التاريخ عن الخريطة..
ولن تستطيع دولة العدوان الإسرائيلي أن تزور التاريخ والجغرافيا وأهل فلسطين فيها صامدون… في انتظار زمن آخر!