نشرت في جريدة “السفير” في 4 كانون الثاني 2017
تلاقينا على غير موعد في مجلة “الحرية” منتصف الستينات. يوم كانت الناطق الرسمي بلسان حركة القوميين العرب بقيادة “الحكيم” جورج حبش وكان محسن ابراهيم يتولى رئاسة التحرير في حين يشغل محمد كشلي موقع مدير التحرير، أما المحررون ( والكل متطوع) فكان “الظاهر” من بينهم احمد خليفة والمبدع الراحل غسان كنفاني.. وكان ناجي العلي العظيم في أول مشواره إلى تصدر موقعه كأخطر رسام كاريكاتور في الوطن العربي، وبعض اخطر المتميزين في هذا الفني الراقي في العالم… وكان بعض المادة الصحافية يأتي من فروع الحركة في اليمن ومصر والعراق وليبيا الخ..
كان ابو السعيد رصينا مع ظرف، ملتزماً مع هامش من الحرية، هو واحد من قبيلة آل الحسن التي تضم نخبة من المناضلين بينهم من ساهم في تأسيس حركة “فتح” أو قاتل في صفوفها ( خالد الحسن، هاني الحسن، علي الحسن…)، وان كان بعضهم يتحدر من تنظيم الإخوان المسلمين.
وقد تزوج بلال الحسن من هانية وهي سليلة أسرة دمشقية، وعاش مع إخوته في سوريا، ثم جاءوا تباعاً إلى لبنان عندما ارتحلت قيادة المقاومة الفلسطينية من عمان، بعد مذابح أيلول السود 1970.
بدأ بلال الحسن عمله معنا في تأسيس “السفير” إلى جانب ياسر نعمة الذي كان يتولى الشؤون جميعاً في ” الحرية” ما عدا التحرير.. والى جانب ميشال حلوه الذي تولى الإشراف على المحليات ثم اكتملت هيئة القيادة بانضمام ابراهيم عامر إلينا، وقد تعززت الأسرة بالمايسترو حلمي التوني الذي كان الفنان المبدع والذي قدم لنا شعار ” السفير” مع فلسفة كاملة لدلاته.
كنا، حتى في تكوين أسرة ” السفير” منسجمين مع شعارنا ” جريدة لبنان في الوطن العربي، جريدة الوطن العربي في لبنان”.
ولقد قررنا، باعتداد وإنما بصدق أن نكون “صوت الذين لا صوت لهم”.
مع إعداد العدد الأول واجهنا مسألة: بمن نبدأ؟ وبماذا نبدأ؟ ,أي عنوان رئيسي سوف تحمله “السفير” في إطلالتها الأولى. وكان منطقياً أن نفكر بالقادة الذين يستحقون صدارة العدد الأول للجريدة الجديدة. فكرنا بكمال جنبلاط فرحب ولكنه كان على سفر، واستقر الرأي على الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ولكن وقته مزدحم بالمواعيد… ومهمتنا تتطلب أن يتفرغ لنا بضع ساعات.
ذهب بلال الحسن ورابط أياما في “الفاكهاني” حتى أتيح له أن يجري المقابلة المطولة على دفعات… وعاد بها في اللحظة الأخيرة قبل رسم الصفحة الأولى، فكان لها صدارة العدد الأول.
استمر بلال الحسن في “السفير” مديراً ثم رئيساً للتحرير، حتى الاجتياح الإسرائيلي في حزيران 1982.. فكان عليه أن يغادر لبنان مع من غادره من الإخوة الفلسطينيين.
ولقد تسنى له بعد حين، أن يصدر في باريس مجلة” اليوم السابع” التي حملت صوت فلسطين، بنبرة قومية مثقفة وهادئة إلى العالم انطلاقاً من “عاصمة النور”.
بعد سنوات من العمل الناجح كانت الأيام قد بدلت من طبيعة الصراع وقدرات المقاومة، فاضطر بلال الحسن إلى إقفال الأسبوعية التي جمعت فوق صفحاتها عدداً ممن كانوا في ” السفير” أو ممن كاتبوها على امتداد سنوات أبرزهم وأخطرهم المبدع الراحل جوزف سماحة.
شفى الله بلال الحسن، المقاتل المبتسم، الهادئ حتى وهو يعارك… ورحم الله جوزف سماحة.